السبت, أبريل 5, 2025
الصوت الجنوبي _ تقرير خـاص
أزمات متنوعة ومتواصلة تشهدها البلاد منذُ قرابة عقد من الزمان، بسبب الأحداث المتسارعة والحرب المستمرة، بعد صعود ميليشيا الحوثي الإرهابية إلى واجهة المشهد السياسي، من باب الاعتصامات في صنعاء بحجة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، والمطالبة بخفض أسعارها.
محافظة حضرموت ليست استثناء من الأزمات، فهي تشهد من فترة إلى أخرى فرض جرعات ظالمة في أسعار المشتقات النفطية، على الرغم من كونها تعد محافظة نفطية، متعددة الموارد، ماجعلها من أغنى محافظات البلاد، إلا أن الأهالي فيها يعانون من أوضاع معيشية صعبة.
الهبة الثانية
قبل نحو 3 سنوات، تحديداً في شهر أغسطس للعام 2021، أنطلقت الهبة الحضرمية الثانية، وكانت ضمن أهدافها تخفيض سعر مادة الديزل، الذي يُباع من شركة بترومسيلة لشركة النفط في حضرموت، وعُقد اجتماع في منطقة ”حرو“ ضم عدد من الشخصيات القبلية والسياسية والاجتماعية، شُكلت خلاله لجنة كانت ضمن أهدافها خفض سعر الديزل إلى (205) ريال للتر الواحد.
قائد الهبة الحضرمية الثانية، رئيس لجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام ”حرو“، الشيخ حسن الجابري، بيّن في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ ”هناك ضغط شعبي كبير كان على السلطة المحلية في حضرموت، أثمر باستجابة المحافظ حينها اللواء الركن فرج البحسني على مطلب خفض سعر مادة الديزل، وتم الاتفاق على تثبيت السعر ليكون سعر الـ 20 لتر بـ (4100) ريال، مما شكل أثر إيجابي على المواطنين“.
ويضيف الجابري: ”نتيجة لتخفيض سعر مادة الديزل تم خفض أسعار المواصلات، فقد انخفضت أسعار باصات نقل الطلاب بنسبة 50%، وباصات النقل الداخلي في مدينة المكلا من (400) ريال إلى (100) ريال، وتم دعم مشاريع المياه في القرى، ودعم مركز غسيل الكلى وتخفيض مواصلاتهم إلى أكثر من النصف، ودعم مولدات الكهرباء في المستشفيات والمساجد بمادة الديزل“.
وكشف قائد الهبة الحضرمية الثانية، عن وجود سرقات وتحايل في كميات الديزل المدعوم المخصصة للمواطنين، من قبل وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء السابق، والمدير العام لشركة النفط فرع الوادي والصحراء سابقاً. واسترسل الجابري قائلاً: ”بعد رفض سلطة الوادي التجاوب مع الهبة وضبط آلية التوزيع ووقف الفساد؛ قمنا بتوقيف قاطرات الديزل التي تحمل (175) ألف لتر للوادي، لمدة 15 يوماً قبل أن يتدخل التحالف، ويتم ضبط الأمور عبر لجنة مشتركة، مما اسهم في تعديل الأمور بشكل نسبي“.
وأوضح رئيس لجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام ”حرو“، أسباب توقيف الديزل المدعوم، قائلاً: ”أول عمل قام به مبخوت بن ماضي فور تعيينه محافظا لحضرموت؛ المطالبة بعودة الديزل، وكان يرسل وساطات للهبة التي كانت ترفض طلبه قبل أن تستجيب للوسطاء والضغوطات، وقد اجتمعت بلجنة حرو وناقشنا الموضوع على أساس بعض الشروط، وأبرزها أن يكون الفارق في وعاء يصب في الخدمات الأساسية للمواطن، وإن من حق اللجنة الاطلاع على الفوارق ومبالغها والمشاريع التي تم دعمها، ولكن ما حصل كان غير ذلك وطلبنا لقاء مع المحافظ، لكنه نكث الاتفاقات ولم يحدد حتى موعد لمقابلة اللجنة“.
مطارح حضرموت
في 21 يناير من العام الجاري، شهدت منطقة ”الخشعة“ التابعة إدارياً لمديرية القطن في وادي حضرموت، ظهور مجموعة من المحتجين من أبناء المنطقة نفسها يحملون اسم ”مطارح حضرموت“، وقد قاموا بنصب نقطة على الخط الرئيسي وذلك لأجل إيقاف القاطرات التي تحمل المشتقات النفطية، وذلك بهدف الضغط على السلطة في حضرموت لخفض أسعار المشتقات النفطية.
القيادي في ”مطارح حضرموت“ المطالبة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية، منيف التميمي، أكد في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ ”مطلب مطارح حضرموت شرعي، وهو تخفيض أسعار المشتقات النفطية، ولا يوجد خلفنا أي جهات داعمة سوى محلية أو خارجية، وكذا لا يوجد لدينا أي دعم من جهات مدسوسة أو أحزاب سياسية، نحن نتحرك ونهتف بصوت رجل واحد وكلنا أبناء حضرموت، فمطلبنا شرعي وكل من توجد لديه رغبة وأحس بالألم نتيجة لأرتفاع أسعار المشتقات النفطية ينضم إلينا فنحن صامدون“.
ويضيف التميمي: ”لقد قمنا بعمل نقطة في منطقة الخشعة بعد مجمع الواحة، ونقوم بأحترام جميع المارة من المواطنين فيها، ونحن أشخاص شرفاء لا يوجد بيننا من يستلم الرشاوي أو غير ذلك، والأخبار التي انتشرت عن مطارح حضرموت لا تخص النقطة التابعة لنا، فقد تكون نقاط أخرى بعيدة من نقطة المطارح، لم يحصل إننا أوقفنا تجار أو عطلنا مرورهم، في السابق كنا نوقف ”البوابير“ والسيارات الأخرى ولكن استفدنا من الأخطاء السابقة وفتحنا الطريق أمامهن“.
وبيّن القيادي في مطارح حضرموت، إنَّ ”نقطة المطارح تقوم حالياً بحجز قواطر الغاز للتأكد من مصدره وإلى أي محطة سيكون اتجاهه، ومن بعدها يتم السماح له بالمرور، أما من يتم توقيفهم في نقطة المطارح فهم أصحاب قواطر المشتقات النفطية فقط، وبالنسبة للمواطنين فنحن لا نوقفهم ونسمح لهم مباشرة بالمرور“.
ويسترسل: ”نحن مازلنا إلى اليوم صامدين مرابطين في موقعنا، ولدينا مطالبنا المشروعة بخفض أسعار المشتقات النفطية، ولن نتحرك حتى تحقيق هذه المطالب، وفي حالة لم تستجيب السلطة لمطالبنا سيكون التصعيد ليس مننا وحسب بل من جميع أبناء حضرموت“.
معاناة الأهالي
شركة النفط فرع ساحل حضرموت، أعلنت أمس عن تسعيرة جديدة لمادة البترول، حيثُ نشرت تعميم بتخفيض البترول في جميع محطات الخدمة، ابتداءً من اليوم الثلاثاء بسعر (1130) ريال للتر الواحد، مبيّنة أن التخفيض بسبب تخفيض تكاليف الشراء من المصدر.
ويأتي هذا التخفيض الذي لا يلبي مطالب المواطنين، بعد سلسلة من الجرعات المتواصلة في أسعار المشتقات النفطية بمحافظة حضرموت، وقد كان آخرها رفع سعر لتر مادة البترول من (1100) إلى (1140) ريال. في خطوة لاقت استياء من قبل أبناء المحافظة.
سامح بانبوع، شاب يبلغ من العمر 23 ربيعاً، يعمل سائق باص أجرة صغير، ويحلم بالزواج وتكوين أسرة، قال لـ”الصوت الجنوبي“: إنَّ ”الزواج بات اليوم لمن استطاع إليه سبيلا، فأنا أعمل صباح ومساء لأجل جمع فلوس تمكنا من توفير متطلبات الزواج، لكن نلاقي صعوبة كبيرة خصوصاً في ظل الارتفاعات المتواصلة لأسعار المشتقات النفطية في حضرموت، فالباص الذي أعمل عليه هو ملك لشخص آخر وليس خاص بي، والمبلغ الذي أجمعه يذهب جزء كبير منه في تعبئة المشتقات النفطية، وجزء إلى مالك الباص، ولا يبقى لي غير الشيء اليسير الذي أدخره لأتمكن من الزواج“.
شادي بافطيم، شاب ثلاثيني، وأب لولد وبنتين، يعمل سائق سيارة أجرة ”تاكسي“، يقول لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ ”حياتنا أصبحت معقدة جداً، وأعمل على مدار اليوم لأجل تأمين حياة أسرتي، وتوفير متطلبات المعيشة اليومية، في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار المشتقات النفطية في محافظة حضرموت، وهو الشي الذي أثر سلباً على إقبال الأهالي على سيارات الأجرة ”التكاسي“، نتيجة لأرتفاع قيمة المشوار، فنجلس بالساعات في انتظار الزبائن، وقد يمر يوم كامل دون أن نأخذ أي مشوار، ونعود إلى أولادي في البيت خالي اليدين“.
فاطمة سالم، شابة في مقتبل العمر، تسكن في أحد المديريات الشرقية بساحل حضرموت، وهي طالبة في جامعة حضرموت ”بنظام موازي“، تصف لـ ”الصوت الجنوبي“ حالتهم مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية: ”مع كل جرعة جديدة في أسعار المشتقات النفطية أشعر بأحباط شديد جداً، وأقرر الانسحاب من دراستي الجامعية رأفة في والدي الذي كان يحلم برؤيتي بثوب التخرج، إلا أن أسعار المواصلات إلى الجامعة كل يوم في تزايد، ووالدي من أصحاب الدخل المحدود وبالكاد يستطيع توفير متطلبات حياتنا الضرورية، ولا أريد أن أضاعف من التزاماته العائلية بالمصاريف الجامعية“.
أبريل 5, 2025
أبريل 5, 2025
أبريل 5, 2025
أبريل 5, 2025