الصوت الجنوبي _ استطلاع خـاص ”عيدُ بِأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ“: هكذا يسألون ويتساءلون أهالي محافظة حضرموت، ويخاطبون العيد بماذا عاد عليهم، هل بالهموم والأحزان التي أعتادوا عليها، منذُ قرابة العقد من الزمن أو ما يزيد بثلاثة أضعاف، أم بشيء آخر جديد يُغير حالتهم السيئة التي يعيشونها. حضرموت ليست استثناء في هذه المعادلة، فهي كغيرها..." />
”عيدُ بِأيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ“: هكذا يسألون ويتساءلون أهالي محافظة حضرموت، ويخاطبون العيد بماذا عاد عليهم، هل بالهموم والأحزان التي أعتادوا عليها، منذُ قرابة العقد من الزمن أو ما يزيد بثلاثة أضعاف، أم بشيء آخر جديد يُغير حالتهم السيئة التي يعيشونها.
حضرموت ليست استثناء في هذه المعادلة، فهي كغيرها من محافظات البلاد، التي يعيش جُل أهلها حالة مادية صعبة، فظنك العيش يلازم السواد الأعظم منهم، نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، والانهيار المتواصل للعملة المحلية أمام العملات الأخرى، مما جعل الأسعار تتضاعف والمرتبات واقفة مكانها دون زيادة.
ثنائي ملابس ولحم العيد هو المعضلة الأكبر هذه الأيام أمام أرباب الأسر من أولياء الأمور، الذي يعيلون العديد من الأبناء والزوجات وغيرهم، سيما ونحن في آخر أيام شهر رمضان المبارك، فمنهم من استطاع توفير المتطلبات ومنهم من هو منتظر، لعلها تفرج بعد أن أُحكِمت حلقاتها وضاقت عليهم الأرض بما رحبت.
سرقة الفرحة
الحاج محمد باضاوي، ذو الـ (60) خريفاً، أب لسبعة أبناء أثنين ذكور وخمسة إناث، وهو ميسور الحال محدود الدخل، يقول: ”لقد سُرقت مننا فرحة العيد، فقد أصبح قدوم العيد يحزننا وليس مثل السابق نفرح بقدومه، ونتبادل التهاني فيما بيننا بوجوه بشوشة فرحة، أما الآن تشاهد الحزن والحسرة والعوز في وجوه الجميع“.
ويضيف الحاج باضاوي في حديثه الخاص لـ ”الصوت الجنوبي“: ”لدي سبعة من الأبناء وكل واحد منهم لديه متطلبات واحتياجات مطلوب مني توفيرها في أسرع وقت، من ملابس وغيرها من حاجيات العيد الضرورية، إضافة إلى لحم العيد الذي أصبح هو الآخر لمن استطاع إليه سبيلا، فالمطلوب مني الآن أضعاف ما امتلكه من المال“.
ويسترسل: بصوت متقطع تخنقه العبرة والألم ”يبدو أنه حتى اللحم الذي كنا لا نطعمه إلا في الأعياد فقط، سيغيب عنا هذا العام ولن نذوقه، فنكاد ننسى طعم اللحم من كثر ما إننا لا نستطيع شراءه، وعلي مهمة شاقة في كيفية اقناع أولادي بهذه المسألة وإننا حتى في العيد لن نأكل اللحم، وسيواصل الغياب عن مائدتنا المتواضعة“.
حمل ثقيل
أم سالم، أرملة طاعنة في السن، وهي تعيل خمسة من الأبناء بعد وفاة زوجها، أثنين من الذكور وثلاث أناث، تشتغل عاملة نظافة في أحد الإدارات الحكومية، إضافة إلى العمل في البيوت فترة المساء، وكل ذلك مقابل مبالغ مالية بسيطة من أجل إطعام أولادها وسد رمق جوعهم.
تقول أم سالم في حديثها الخاص لـ ”الصوت الجنوبي“: ”زوجي كان هو المعيل الوحيد للأسرة، وبعد وفاته أصبح الحمل ثقيل علي، فقد رحل إلى جوار ربه تارك لي خمسة من الأبناء خلفه، مطلوب أطعامهم والباسهم والعناية بهم“.
وتضيف: ”في شهر رمضان المبارك تتضاعف المسؤوليات وتزيد المصاريف، لكن في المقابل هناك عدد من الأسر ميسورة الحال يتكفلون بمصاريفنا في رمضان، وكذا متطلبات العيد من ملابس ولحم العيد وغيرها، فجزاهم الله عنا كل خير، وربنا يكثر من أمثالهم فهناك الكثير من الأسر لم تعد تقوى على هذا الغلاء المعيشي“.
(ويبقى السؤال الأهم إلى متى ستستمر هذه الأزمة الخانقة، والأوضاع المعيشية والأقتصادية الصعبة، التي تمر بها بلادنا بشكل عام، وحضرموت بشكل خاص، والتي آثارها أضرت العديد من الأسر ميسورة الحال والأشد احتياجاً؟)