الجمعة, نوفمبر 22, 2024
حذر الباحثان البارزان في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جون هاردي وبهنام بن طالبلو مما وصفاه بأنه تورط إيراني يحصل للمرة الأولى في حرب بارزة على القارة الأوروبية. إلى إخفاقه في احتواء طموحات إيران النووية، سيمكن الاتفاق من تعزيز التعاون الروسي-الإيراني في مشاريع نووية مدنية والتهرب من العقوبات مع تأمين الأموال التي تحتاج إليها طهران للحصول..." />
حذر الباحثان البارزان في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جون هاردي وبهنام بن طالبلو مما وصفاه بأنه تورط إيراني يحصل للمرة الأولى في حرب بارزة على القارة الأوروبية.
إلى إخفاقه في احتواء طموحات إيران النووية، سيمكن الاتفاق من تعزيز التعاون الروسي-الإيراني في مشاريع نووية مدنية والتهرب من العقوبات مع تأمين الأموال التي تحتاج إليها طهران للحصول على أسلحة تقليدية متقدمة من روسيا وأماكن أخرى
وكتبا في مجلة “فورين بوليسي” أن مستشارين عسكريين إيرانيين يرجح أن يكونوا من الحرس الثوري حاضرون على الأراضي الأوكرانية المحتلة، وبشكل محتمل في بيلاروسيا، لمساعدة روسيا على إمطار المدن والبنى التحتية الأوكرانية بمسيّرات إيرانية انتحارية.
ونقل تقرير إسرائيلي عن مسؤول أوكراني قوله إن عشرة إيرانيين قتلوا في هجوم أوكراني على مواقع روسية. وتستعد طهران الآن إلى نقل آلاف من المسيرات الإضافية وحسب، بل أيضاً وللمرة الأولى، نوعين من الصواريخ الإيرانية البالستية لملء المخزونات الروسية المتضائلة من هذه الصواريخ.
إمبرياليتان تتعاونان
يترك دعم طهران العسكري بصمته القاتلة على الحرب لكن تداعياته الجيوسياسية أوسع من ذلك بكثير. من خلال تصعيد دعمها لمحاولة روسيا الإمبريالية لإخضاع أوكرانيا، تأمل إيران أن تعزز مشروعها الإمبريالي الخاص في الشرق الأوسط. من المرجح أن تسعى طهران إلى استخدام الشراكة الروسية-الإيرانية المتعمقة كرافعة لإبرام عقود عسكرية مع موسكو بينما تستخدم الدروس المستقاة من الميدان الأوكراني لتطوير إمكانات تصنيع المسيّرات والصواريخ الإيرانية بالشكل الأمثل.
في الوقت نفسه، ربما يأمل النظام الإيراني أن تؤدي تغذية الأزمة في أوكرانيا إلى إلهاء الغرب بشكل إضافي عن مواجهة سعي إيران إلى تحقيق الهيمنة على الشرق الأوسط. من جهتهما، يأمل الباحثان أن يدفع التوغل الإيراني في سياسات القوى الأوروبية واشنطن وحلفاءها الغربيين باتجاه صياغة سياسة أصلب لمواجهة إيران.
تأثير شاهد-136 على الميدان
من أجل معالجة نقاط الضعف الميدانية التي أعاقت حربها ضد أوكرانيا، وجدت روسيا في إيران داعماً مستعداً لتقديم المساعدة. ذكرت الأنباء أن طهران التي أنفقت موارد ملحوظة على برامج المسيّرات والصواريخ منذ الحرب الإيرانية-العراقية، نقلت مئات الطائرات بلا طيار من أنواع مختلفة إلى موسكو. من هذه الطائرات شاهد-136 التي أعادت روسيا تسميتها بجيران-2 وهي مصممة لمهاجمة أهدافها بطريقة انتحارية.
إلى جانب مساعدتها على التخلص من الأهداف الثابتة بالقرب من خطوط المواجهة، مكنت المسيرات روسيا من شن هجمات متعددة ضد المدن الأوكرانية مما ساعدها على الاحتفاظ بمخزوناتها الصاروخية المتقلصة. كما ساعدت شاهد-136 روسيا على الإضرار بنحو 40% من البنية التحتية الكهربائية لأوكرانيا الأمر الذي أثر على نصف إمكانات توليد الطاقة الكهربائية غير النووية، وفق ما قاله نائب أوكراني هذا الأسبوع. مع اقتراب الشتاء، من المرجح أن تأمل موسكو بأن تؤدي حملة الرعب هذه إلى تآكل إرادة القتال لدى الأوكرانيين.
صواريخ بالستية في طريقها إلى موسكو
يقول مسؤولون إيرانيون وحلفاء للولايات المتحدة إن طهران لن تمد موسكو بالمزيد من المسيرات من طراز شاهد-136 وطرازات أخرى وحسب بل أيضاً بصواريخ فاتح-110 وذو الفقار القصيرة المدى. وتعد هذه الصواريخ من الأكثر دقة في الترسانة الصاروخية الإيرانية وهي الترسانة الكبرى في الشرق الأوسط.
يتمتع صاروخ فاتح-110 بمدى يصل إلى 250 و300 كيلومتر حسب الأنباء، بينما تم الكشف عن صاروخ ذي الفقار سنة 2016 على أنه تحديث لفاتح-110 مع بلوغه مدى 700 كليومتر وفق التقارير. استخدمت إيران أنواعاً مختلفة من هذه الصواريخ في عدد من العمليات العسكرية خلال الأعوام الخمسة الماضية، من بينها في هجمات على مواقع أمريكية في العراق شهر يناير (كانون الثاني) 2020 الأمر الذي تسبب برضوض دماغية لدى أكثر من مئة جندي أمريكي. مثل شاهد-136، ستساعد هذه الصواريخ موسكو في الحفاظ على ما تبقى من صواريخ اسكندر البالستية قصيرة المدى وصواريخ أخرى استخدمتها روسيا بشكل مقتصد.
شكوك لم تمنع التعاون
أضاف الباحثان أن تعاون طهران وموسكو الوطيد في أوكرانيا فاجأ مراقبين عدة بمن فيهم خبراء روس بارزون في الشأن الإيراني. لدى إيران وروسيا تاريخ طويل من العداء وغياب الثقة يعود إلى الحقبة القيصرية ويشمل سلسلة من الحروب الروسية-الفارسية وتدخلاً روسياً متكرراً في سياسات الدولة الفارسية. وبالرغم من استمرار الشك والتنافس، يرى الطرفان بشكل متزايد أن مصالحهما متشابكة ومدفوعة بمعارضة مشتركة للغرب. لن يكون ثمة تحالف رسمي بين الطرفين لكن ذلك لن يمنع روسيا وإيران، إلى جانب الصين، من تعميق وفاقها.
منذ غزوها الكارثي لأوكرانيا، عززت موسكو شراكتها مع طهران من ضمنها الجهود المشتركة للالتفاف على العقوبات الغربية. وأصدر المرشد الأعلى علي خامنئي توجيهات إلى أتباعه بتطوير علاقات أقوى مع روسيا والصين. بدعم من الكرملين، تم منح إيران عضوية كاملة في منظمة شنغهاي للتعاون السنة الماضية. وتسعى طهران أيضاً إلى الحصول على العضوية في مجموعة البريكس وهي تتفاوض الآن على اتفاقية دائمة للتجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة موسكو.
ما الذي قد تحصل عليه طهران؟
ضمن هذا الإطار، تتمتع صفقة تزويد إيران بالمسيّرات والصواريخ والمستشارين العسكريين بمعنى استراتيجي بالنسبة إلى إيران ويمكن أن تبرهن من خلالها عن قيمتها لواحد من شريكيها الكبيرين ضمن الوفاق المناهض للغرب. ويطرح الاتفاق سؤالاً عما ستحصل عليه إيران بالمقابل. يمكن عرض مقاتلات روسية متطورة أو أنظمة أس-400 الدفاعية التي رفضت موسكو سابقاً بيعها إلى طهران. لكن الكاتبين يستبعدان مساعدة روسية لإيران ببناء برنامجها للأسلحة النووية بالرغم من تحذير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من العكس.
المسرح الأوكراني… بروفا إيرانية للمسرح الشرق أوسطي
في هذه الأثناء، ستكسب إيران اختباراً ميدانياً موسعاً لصواريخها ومسيراتها بما فيها قدرتها على مواجهة أنظمة الدفاع الغربية الجوية. من المؤكد أن تنفذ طهران الدروس المستقاة من المسرح الأوكراني على تطوير الأسلحة والتكتيكات المستقبلية للاستخدام في الشرق الأوسط. وبالنسبة إلى حكام إيران، يمثل دعم الحرب الروسية توسيعاً لهجومهم ضد الغرب. طوال عقود، سعت إيران إلى توسيع تأثيرها وإضعاف خصومها عبر تزويد الأسلحة إلى مجموعاتها المقاتلة في الشرق الأوسط مثل حزب الله والحوثيين، ومن بين تلك الأسلحة المسيرات والصواريخ نفسها التي أرسلتها إلى روسيا. الآن، تطبق طهران استراتيجية نشر الأسلحة نفسها في أوروبا.
لتعزيز الحزم الأمريكي تجاه إيران
من خلال تغذية الأزمة في أوكرانيا، تأمل إيران أن تواصل الولايات المتحدة إبعاد اهتمامها عن الشرق الأوسط. تحت أنظار ثلاثة رؤساء أمريكيين، أعلنت واشنطن أنها ستفضل سحب مواردها من المنطقة ونقلها إلى أماكن أخرى وتركيز الاهتمام على المشاكل في الداخل. الآن، ومع امتصاص حرب بوتين في أوكرانيا انتباه الغرب وموارده، ترى طهران في ذلك فرصة لتغذية هذا الاتجاه.
لكن الباحثين يؤكدان ضرورة أن توضح واشنطن كيف أن دعم إيران للحرب الروسية سيستدعي حزماً أمريكياً أقوى في الشرق الأوسط. بالتحديد مع استمرار الاحتجاجات في إيران، سيكون الوقت الحالي مناسباً لإدارة بايدن كي تراجع سياستها الإيرانية وتركز على دحر النفوذ الإيراني في المنطقة. يرحب هاردي وبن طالبلو بالإدانات والعقوبات الأمريكية لكنهما يلفتان النظر إلى أنها لن تحقق سوى القليل إن لم تكن جزءاً من استراتيجية أوسع.
مفارقة
إن دعم طهران لحرب روسيا في أوكرانيا يمكن أن يدفع الغرب ليبدي اهتماماً أكبر لا أقل بالشرق الأوسط خصوصاً إذا اعتنقت أوروبا خطاً أكثر تشدداً تجاه إيران. اتبعت بريطانيا وبروكسل خطى واشنطن الأسبوع الماضي وفرضتا عقوبات على عناصر من برنامج إيران لتصنيع المسيرات مستندتين إلى عقوبات عبر-أطلسية حديثة ضد شرطة الأخلاق. مع اقتراب التهديد الإيراني من أوروبا، يجب على واشنطن ألا تفوت هذه الفرصة لتحسين مواءمة السياسات العابرة للأطلسي تجاه إيران.
ضمان أمن الحلفاء الشرق أوسطيين
ودعا الباحثان الولايات المتحدة للعمل على ضمان حصول حلفائها في الشرق الأوسط الذين عاشوا لسنوات على خطوط التماس مع المسيرات الإيرانية والتهديدات الصاروخية، على الإمكانات العسكرية التي يحتاجون إليها لمواجهة عدوانية إيران. وعلى واشنطن أيضاً مضاعفة جهودها لتشجيع وتسهيل التعاون الأمني بين العرب والإسرائيليين. بالإضافة إلى المساعدة على مواجهة إيران، إن دعماً أمريكياً قوياً للحلفاء الشرق أوسطيين قد يجعلهم في المقابل أكثر انفتاحاً على المطالب الأمريكية تجاه روسيا حسب الباحثين.
خطورة الاتفاق النووي
أخيراً، تعطي تصرفات إيران في أوكرانيا الإدارة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيين سبباً آخر للتخلي عن مسعاهم لإحياء اتفاق 2015 النووي مع طهران. إضافة إلى إخفاقه في احتواء طموحات إيران النووية، سيمكن الاتفاق من تعزيز التعاون الروسي-الإيراني في مشاريع نووية مدنية والتهرب من العقوبات مع تأمين الأموال التي تحتاج إليها طهران للحصول على أسلحة تقليدية متقدمة من روسيا وأماكن أخرى.
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024