الإثنين, أبريل 7, 2025
الصوت الجنوبي – تقرير خاص
في 23 يوليو، ألغت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، القرارات الاقتصادية الأخيرة ضد مليشيات الحوثيين الإرهابية، بما فيها قرارات البنك المركزي، بعد ضغط كبير مارسته أطراف إقليمية والمبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ.
وقال بيان صادر عن مكتب غروندبرغ إن الحكومة وجماعة الحوثيين أبلغوا المبعوث بأنهما اتفقا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية.
وتضمن النص المكتوب الذي تسلمه غروندبرغ من الطرفين الآتي:
وقال البيان إن الطرفين طلبا دعم الأمم المتحدة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
وأضاف البيان: “أشار غروندبرغ إلى الدور الهام الذي لعبته السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق. كما أعرب عن جاهزية الأمم المتحدة للعمل مع الطرفين لتنفيذ التدابير التي اتفقا عليها، وعرض أن يدعم مكتبه التواصل مع السلطات في الأردن ومصر والهند”.
وفي بيان نشرته وكالة سبأ، رحبت الحكومة اليمنية بالبيان الأممي وقالت إنها وافقت على إلغاء القرارات الاقتصادية نظرًا لما يعانيه السكان في مناطق شمال اليمن الخاضعة للحوثيين.
وأضاف البيان: “نأمل أن يقود الاتفاق المعلن إلى تهيئة الظروف من أجل حوار بناء لإنهاء ممارسات الحوثيين بحق القطاع المصرفي والعملة، وتنفيذ الالتزامات الواردة في خارطة الطريق وعلى رأسها استئناف تصدير النفط”.
لكن جماعة الحوثيين أعلنت أنها توصلت لهذا الاتفاق مع السعودية فقط، ولم تذكر الحكومة اليمنية. ونقلت وكالة سبأ الحوثية عن رئيس المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام أنه تم التوصل إلى اتفاق بين اليمن والسعودية لمعالجة بعض القضايا الإنسانية والاقتصادية.
وكان الحوثيون قد هددوا السعودية بقصف موانئها ومطاراتها والبنك المركزي في الرياض إذا لم تضغط نحو إلغاء الإجراءات الاقتصادية الأخيرة للحكومة اليمنية.
وفيما يبدو أنها خطوة احتجاجية، قدم محافظ البنك المركزي في عدن أحمد المعبقي استقالته لمجلس القيادة الرئاسي في خطاب مؤرخ بتاريخ 17 يوليو الجاري، تم تداوله حينها، بحسب مركز سوث24.
لكن المجلس الرئاسي رفض الاستقالة كما نشرت وكالة سبأ. وزعمت الوكالة أن المعبقي عدل عن قراره وقرر البقاء في المنصب.
وخلال الأسبوع الماضي، تظاهر آلاف اليمنيين في الحديدة ومأرب وتعز لإظهار دعمهم لقرارات البنك المركزي ورفض التراجع عنها. كما أظهرت استطلاعات مصورة في عدن وحضرموت وشبوة دعمًا كبيرًا للبنك المركزي.
وحذر المواطنون من التراجع عن القرارات ووصفوا أي خطوة نحو ذلك بأنها “خيانة”. ويرجح أن يشعل إلغاء القرارات الاقتصادية موجة غضب شعبية في مناطق سيطرة الحكومة.
وكان خبراء قد حذروا من أزمة ثقة كبيرة ستندلع في صفوف السكان في مناطق الحكومة إذا تم التراجع عن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، لا سيما مع انهيار الريال اليمني إلى مستوى قياسي وارتفاع أسعار الغذاء.
ورغم أن البيان الحكومي تحدث عن مراعاة أوضاع السكان في شمال اليمن، إلا أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في جنوب اليمن سيئة للغاية.
ووصل سعر الدولار الأمريكي خلال شهر يوليو الماضي إلى 1927 مقابل الريال اليمني، بالتزامن مع ارتفاعات سعرية بنسب وصلت إلى 30% في السلع الغذائية الأساسية في الأسواق.
في يونيو الماضي، فرض البنك المركزي في عدن عقوبات على 6 بنوك تجارية مخالفة لقرار نقل مقرات البنوك من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة عدن.
وتزامنت الإجراءات المصرفية مع قرارات لوزارة النقل بشأن أرصدة الخطوط الجوية اليمنية في صنعاء ونقلها إلى عدن أو إلى الحسابات بالخارج، وتوجيهات لوزارة الاتصالات بنقل مقرات شركات الهاتف النقال أيضًا.
ورد الحوثيون بإجراءات عقابية ضد عدد من البنوك العاملة من عدن. وكان البنك المركزي في عدن في طريقه لإيقاف نظام سويفت عن البنوك المعاقبة، قبل أن تبدأ تهديدات الحوثيين بشن الحرب ضد السعودية.
وكان رئيس المجلس اللواء عيدروس الزبيدي، الذي هو أيضًا عضو في المجلس الرئاسي، قد ضغط بشكل كبير نحو التمسك بالإجراءات الاقتصادية الحكومية وحماية القطاع المصرفي من الحوثيين كما أفادت مصادر مطلعة في وقت سابق.
خطورة التراجع عن القرار
في حديث “للصوت الجنوبي”، وصف الصحفي الاقتصادي نجيب الوادي قرار إلغاء الإجراءات الاقتصادية بأنه حكم بالإعدام على شرعية الحكومة اليمنية.
وقال: “هذا الوصف يحمل في طياته دلالات عميقة حول ضعف الشرعية وتآكل قاعدتها الشعبية. فبإلغاء هذه الإجراءات، تكون الحكومة قد تراجعت عن قرارات سيادية مهمة، مما يضعف من مصداقيتها ويجعلها عرضة للضغوط والتدخلات الخارجية”.
وأشار الوادي “للصوت الجنوبي” إلى أن الضغوطات التي أدت إلى إلغاء هذه الإجراءات قد تدفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات أخرى تتنافى مع مصالحها الوطنية، مثل إعادة البنك المركزي إلى صنعاء وإعادة بقية المؤسسات الحكومية إليها.
وتابع “هذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى تفكك الدولة اليمنية وانهيار مؤسساتها، مما يزيد من معاناة الشعب”.
وأكد الوادي على تمسك محافظ البنك المركزي بقراراته، ورفضه التراجع عنها، وقال: “هذا الموقف يعكس مدى أهمية هذه القرارات واستحالة التراجع عنها بسهولة. فإلغاء هذه القرارات يعني العودة إلى الوضع السابق من الفوضى والانهيار الاقتصادي”.
ولفت إلى أن التراجع عن هذه الإجراءات يتطلب إصدار مذكرة رسمية من البنك المركزي إلى المنظمات الدولية، وهذا الأمر يضع البنك المركزي في موقف حرج. فمن جهة، عليه أن يبرر هذا التراجع، ومن جهة أخرى، عليه أن يواجه غضب الشركاء الدوليين الذين يرون في هذه الإجراءات خطوة مهمة نحو استقرار الاقتصاد اليمني”.
يؤكد الوادي على أن هناك خيارين فقط أمام المجلس الرئاسي: إما قبول استقالة محافظ البنك المركزي، أو الاستمرار في سريان قرارات البنك. هذا يعني أن المجلس الرئاسي أمام اختبار حقيقي، فإما أن يختار مصالح الشعب اليمني واستقرار الاقتصاد، أو أن يستجيب للضغوطات ويقدم تنازلات تؤدي إلى تفاقم الأزمة.
وفي كل الأحوال، إن قرار إلغاء الإجراءات الاقتصادية في اليمن يمثل نقطة تحول خطيرة في الأزمة اليمنية. كما أن هذا القرار يضعف من شرعية الحكومة، ويعرض الاقتصاد اليمني للانهيار، ويؤدي إلى تفكك الدولة.
أبريل 6, 2025
أبريل 6, 2025
أبريل 6, 2025
أبريل 6, 2025