الجمعة, مايو 16, 2025
الصوت الجنوبي – تقرير خاص
تتصاعد حدة التوترات في محافظة حضرموت، مع استعداد المجلس الانتقالي الجنوبي لإقامة فعالية جماهيرية حاشدة في مدينة المكلا يوم الخميس المقبل، وذلك في ظل انتقادات متزايدة لتحركات أحادية من قبل عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت الذي يُطالب بعزله.
يأتي هذا التصعيد في الوقت الذي وصل فيه نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، محافظ حضرموت السابق، اللواء أحمد بن بريك، الجمعة إلى مدينة المكلا، عاصمة حضرموت، في خطوة يُنظر إليها على أنها تعزيز لحضور المجلس في المحافظة، ودعم للفعالية المليونية التي يعتزم المجلس تنظيمها تحت شعار “حضرموت أولاً”.
وتأتي هذه التطورات في سياق تقارير متزايدة عن خلافات عميقة تلوح في الأفق بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية في حضرموت، حول مستقبل المحافظة ودورها في المشهد السياسي الأوسع.
اتهامات بالتفرد بالقرار
في الأيام الأخيرة، تصاعدت حدة الانتقادات الموجهة لمؤتمر حضرموت الجامع، وتحديداً لقيادته المتمثلة في عمرو بن حبريش، حيث تتهمه أطراف سياسية ومجتمعية بالتفرد بالقرارات وعدم تمثيل الإرادة الحضرمية بشكل جامع. وتجلت هذه الانتقادات بشكل واضح في بيان صدر عن اللجنة الأمنية بمحافظة حضرموت، والذي انتقد بشدة ما وصفه بـ “الخطاب التحريضي” الصادر عمن أطلقوا على أنفسهم “مؤتمر حضرموت الجامع”.
وحذرت اللجنة الأمنية، في اجتماع عقدته برئاسة محافظ المحافظة مبخوت مبارك بن ماضي، من “خلق بؤر توتر وتجنيد ونقاط عسكرية خارج الأطر الرسمية”، مؤكدة أنها “ستقف بحزم ضد من يتقمص دور الدولة”. وأشارت اللجنة إلى أن البيان الصادر عن مؤتمر حضرموت الجامع يتضمن “ادعاءات تحريضية تهدد الوحدة الاجتماعية”، معربة عن قلقها من أن “الخطابات التحريضية التي تُطلق دون رصيدٍ جماعي حقيقي تُهدد السلم الاجتماعي، وتستغل اسم حضرموت لتمرير أجنداتٍ فردية أو فئوية”.
وتساءلت اللجنة الأمنية عن “الصفة القانونية المثارة حول مؤتمر حضرموت الجامع ومدى تمثيله للإرادة الحضرمية”، مشيرة إلى أن “قوام رئاسة المؤتمر يتكون من (20 عضواً)، فهل تمت المصادقة على هذا البيان من جميع أعضاء رئاسة المؤتمر المنتخبين؟”. وطالبت اللجنة الجهات التي وقَّعت على البيان بالإفصاح عن الهيئة التمثيلية التي اتخذت قرار النشر، وعن آلية التشاور مع الأعضاء العشرين، وذلك “لضمان شفافية العملية وشرعيتها”.
وتأتي هذه الانتقادات في ظل تزايد المخاوف من أن يؤدي التفرد بالقرار في حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع إلى تهميش قوى ومكونات أخرى في المحافظة، وإلى تفاقم الانقسامات الداخلية، مما قد يهدد الاستقرار الأمني والاجتماعي في حضرموت.
مليونية حاشدة
في المقابل، ودعما لقوات النخبة الحضرمية، كثف المجلس الانتقالي الجنوبي من تحركاته في المحافظة خلال الأيام الأخيرة، استعداداً لإقامة فعالية جماهيرية مليونية في مدينة المكلا يوم الخميس المقبل، احتفالاً بالذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت من التنظيمات الإرهابية.
وتأتي هذه الفعالية تحت شعار “حضرموت أولاً”، وهو شعار يُنظر إليه على أنه يعكس توجه المجلس الانتقالي نحو التركيز على مصالح حضرموت وأبنائها، والتأكيد على الهوية الجنوبية للمحافظة. وقد حشد المجلس الانتقالي الجنوبي كافة قياداته وقواعده في حضرموت، بالإضافة إلى حشد الدعم من مختلف المكونات الجنوبية، لإنجاح هذه الفعالية وإظهار قوة المجلس وحضوره الشعبي بدعم أنصاره المخلصين في المحافظة.
وقد عقدت القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع مختلف القوى المدنية والحقوقية والاجتماعية في المحافظة، لحشد الدعم للفعالية المليونية، والتأكيد على أهمية هذه الفعالية في “التأكيد على الهوية الجنوبية ومساندة قوات النخبة الحضرمية التي فرضت الأمن والاستقرار في ساحل حضرموت”.
كما أكد رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت، العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، على “ضرورة الاحتشاد بشكل مكثف يوم الخميس القادم الـ 24 من أبريل في ساحة الحرية بمدينة المكلا، لإرسال رسائل قوية للإقليم والعالم مفادها أن حضرموت أولًا وهي إلى جانب قوات النخبة الحضرمية وضد كل من يحاول المساس بها”.
وصول اللواء بن بريك
يُعتبر وصول نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء أحمد بن بريك، إلى مدينة المكلا في هذا التوقيت، بمثابة دفعة قوية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وتعزيز لزخم الفعالية المليونية المزمع إقامتها. ويُنظر إلى بن بريك على أنه شخصية ذات ثقل وتأثير في حضرموت، وله علاقات واسعة مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية في المحافظة.
وقد أعرب بن بريك، في كلمة ألقاها لدى وصوله المكلا، عن سعادته بالتواجد في المدينة للمشاركة في الاحتفال بالذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت، مؤكداً على “الشرف” الذي حظي به هو ومجموعة من المقاتلين في المشاركة في معركة التحرير إلى جانب قوات النخبة الحضرمية.
كما أشار بن بريك إلى أن عودته في هذا التوقيت “تُعد رسالة بالغة الأهمية، ومحاولة جادة للمّ شتات النسيج الحضرمي الذي تعبث به بعض الأصوات بنشر الفتن والشائعات، وتحريض أبناء المحافظة على بعضهم البعض رغم اتفاقهم على جوهر القضايا”.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب السياسي علي المحمدي “يبدو أن اللواء بن بريك جاء هذه المرة وهو يحمل عزيمة صادقة لإطفاء نيران الخلافات المتأججة، واستقباله من مختلف أطياف المجتمع الحضرمي يوحي بأن الرجل ما زال يملك القدرة على تقريب وجهات النظر، ورأب الصدع، وإعادة التوازن لحضرموت في هذا المنعطف الحساس”.
وأضاف “للصوت الجنوبي”: “في ظل هذه التطورات المتسارعة، تتزايد التحذيرات من محاولات تقويض الاستقرار وزعزعة الأمن في حضرموت، واستغلال الوضع الراهن لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية”.
وبالفعل، حذرت اللجنة الأمنية بمحافظة حضرموت من “أي جهة تُنشئ تشكيلات موازية لمؤسسات الدولة”، مشددة على “عدم السماح لأي جهة بتقويض هيبة الدولة أو استغلال الأوضاع الحالية لتحقيق مكاسب شخصية”.
كما أكد رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، الأستاذ علي عبدالله الكثيري، على “المحاولات المستمرة للنيل من المشروع الوطني الجنوبي، الذي تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي لأجله بتفويض شعبي، عبر محاولات زرع الفوضى وزعزعة الأمن في ساحل حضرموت، بهدف سلخ المحافظة عن محيطها وامتدادها الجنوبي”.
وشدد الكثيري على أن “حضرموت كانت وستظل عمقاً للجنوب، وأنه لا جنوب دون حضرموت”، مؤكداً “لن نتسامح مع أي محاولة من شأنها تقويض الاستقرار والوئام في حضرموت”.
وفي ظل هذه التطورات المتلاحقة، تتزايد التساؤلات حول مستقبل محافظة حضرموت، ودور القوى الإقليمية في التأثير على المشهد السياسي والأمني في المحافظة. وتُعتبر حضرموت محافظة ذات أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة، نظراً لموقعها الجغرافي ومواردها النفطية وموانئها الهامة.
ويُراقب المراقبون عن كثب التطورات في حضرموت، وتأثيرها على المشهد السياسي اليمني بشكل عام، وعلى جهود السلام المتعثرة في البلاد. ويُشدد العديد من المحللين على ضرورة تغليب لغة الحوار والتوافق بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية في حضرموت، وتجنب التصعيد والتوتر، من أجل الحفاظ على استقرار المحافظة وتجنيبها المزيد من الصراعات والانقسامات.
وعلق الصحفي محمد باوزير قائلاً: “تمر حضرموت بمرحلة حساسة تتطلب الوحدة، لكن التصعيد وتبادل الاتهامات ينذر بتدهور الأوضاع. يبرز المجلس الانتقالي كقوة فاعلة تسعى للاستقرار، بينما تتزايد الانتقادات لمؤتمر حضرموت الجامع وقيادته الأحادية، مما يثير تساؤلات حول تمثيله لإرادة الحضارم.”
وأضاف باوزير “للصوت الجنوبي”: “الانتقادات لحلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع تتصاعد بسبب تمركز السلطة بيد قيادة فردية، كما يظهر في بيان اللجنة الأمنية الذي انتقد خطاب المؤتمر ‘التحريضي’. تساؤلات اللجنة حول التمثيل الشرعي للمؤتمر تعكس شكوكاً حول شرعية القرار داخله.”
وأشار باوزير إلى: “النهج المتفرد بالقرار قد يهمش مكونات مجتمعية، ويؤدي لانقسامات تهدد استقرار حضرموت.”
وتحدث باوزير عن دور المجلس الانتقالي: “يسعى المجلس الانتقالي، بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي، لملء الفراغ السياسي وتقديم نموذج بديل، بالتركيز على الأمن والهوية الجنوبية، وهو ما يلقى قبولاً واسعاً. فعالية ‘حضرموت أولاً’ تهدف لإظهار الدعم الشعبي.”
وبشأن وصول بن بريك، قال باوزير: “وصول بن بريك يعكس اهتمام المجلس بحضرموت، واستقباله الحافل يشير إلى شعبيته وقدرته على رأب الصدع. عودته دفعة للفعالية المليونية.”
مايو 15, 2025
مايو 15, 2025
مايو 15, 2025
مايو 15, 2025