الصوت الجنوبي _ تقرير خاص

تتهيأ محافظة حضرموت هذه الأيام لاحتضان فعالية جماهيرية كبرى في مدينة شبام التاريخية، بمناسبة الذكرى الـ62 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، الثورة التي صنعت مجد الجنوب ورسمت معالم حريته من نير الاستعمار. ولا تقتصر التحضيرات على الجوانب التنظيمية فحسب، بل تتجاوزها إلى كونها حدثًا سياسيًا وشعبيًا يُجسّد عمق الارتباط بين حضرموت والهوية الوطنية الجنوبية.

ويأتي هذا الاحتفال في سياق مرحلة حساسة من مسار القضية الجنوبية، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة التلاحم وتوحيد الصفوف، لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تحاول النيل من مشروع التحرير والاستقلال. وفي هذا الإطار، يبرز الدور القيادي للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت، الذي أعلن عن إقامة الفعالية المركزية في مديرية شبام بوادي حضرموت، استجابة لدعوة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، للاحتشاد الجماهيري.

إن التحضيرات الجارية في ساحل ووادي حضرموت تعكس روح الوفاء لثورة أكتوبر ورموزها، وتجديد العهد لمواصلة النضال نحو استعادة الدولة الجنوبية. كما تمثل رسالة واضحة لكل من يحاول العبث بوحدة الصف الجنوبي، مفادها أن حضرموت كانت وستظل قلعة وطنية راسخة في وجه كل مشاريع التفتيت والتبعية.

شبام.. ساحة تجدد الثورة وتعبير عن الإرادة الشعبية

اختيار مدينة شبام التاريخية لإقامة الفعالية ليس اختيارًا عابرًا، بل يحمل رمزية وطنية عميقة. فشبام، بما تمثله من إرث حضاري ونضالي، تتحول اليوم إلى مركز إشعاع وطني يعبّر عن وحدة الموقف الجنوبي. وقد أكد الأستاذ علي أحمد الجفري، نائب رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بحضرموت، أن هذه الفعالية تأتي استجابة لدعوة الرئيس الزُبيدي وتجسيدًا لروح التلاحم الجنوبي.

وفي هذا السياق، أوضح الجفري أن الحشد الجماهيري في شبام سيشكل موقفًا تاريخيًا يُظهر مدى الوفاء لتضحيات الأبطال، وإصرار أبناء حضرموت على المضي في درب الحرية والاستقلال. كما أشار إلى أن تنظيم المواكب وتسهيل انتقال الجماهير من الساحل إلى الوادي يعكس وحدة الجغرافيا والوجدان الجنوبي في مشهد وطني متجدد.

أما رئيس الهيئة التنفيذية المساعدة لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت، محمد عبدالملك الزبيدي، فقد أكد أن التحضيرات بلغت مراحل متقدمة، مشيرًا إلى تشكيل اللجان التنظيمية وغرف العمليات المشتركة، بما يضمن نجاح الفعالية وظهورها بالمستوى اللائق بمكانة حضرموت. وقال الزبيدي إن شبام ستكون منارة الجنوب في هذا اليوم، وموقعًا لتجديد العهد مع ثوار أكتوبر المجيد.

تلاحم حضرمي يؤكد وحدة الهدف والمصير

الاستعدادات في حضرموت لم تقتصر على القيادة المحلية فحسب، بل شملت مختلف الهيئات والاتحادات الشبابية والمجتمعية، ما يعكس التلاحم الشعبي العميق خلف القيادة الجنوبية. فشباب الغضب في وادي حضرموت بدأوا بتزيين الشوارع ورفع الأعلام الجنوبية في مديريات سيئون وتريم والقطن، استجابة لدعوة الرئيس الزُبيدي، في مشهد يعكس عمق الانتماء الوطني.

ويقرأ المراقبون هذا الزخم الشعبي باعتباره تأكيدًا على أن حضرموت باتت مركز الثقل في المشروع الجنوبي، وأنها تتهيأ لتأدية دورها الريادي في المرحلة القادمة. فالحشد المنتظر في شبام لن يكون مجرد احتفال، بل رسالة سياسية تحمل دلالات على مستوى وطني وإقليمي، مفادها أن الجنوب يقف صفًا واحدًا خلف قيادته الشرعية الممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي.

وفي السياق ذاته، أكد الزبيدي خلال اجتماعاته المتكررة مع قيادات المديريات أن تفاعل أبناء حضرموت مع دعوة الاحتشاد يعكس الوعي الوطني المتصاعد، مشيرًا إلى أن أبناء المحافظة يدركون أن استعادة الدولة الجنوبية لن تتحقق إلا من خلال وحدة الموقف ووضوح الرؤية.

قيادة الانتقالي تؤكد أن فعالية شبام محطة وطنية لتجديد العهد

في تصريحات لرئيس الهيئة التنفيذية لانتقالي شبام، علي قاسم بن طالب، أكد أن الفعالية ستكون محطة نضالية جديدة تُجسد الإرادة الحرة لأبناء الجنوب، ورسالة وفاء لثوار أكتوبر الذين صنعوا فجر الحرية.

وأوضح أن المدينة باشرت تشكيل اللجان التنظيمية والخدمية والإعلامية، لتكون شبام جاهزة لاستقبال الحشود من مختلف مديريات المحافظة.

وأشار بن طالب إلى أن التحضيرات تجري على قدم وساق لتزيين المدينة بالأعلام الجنوبية واللافتات الثورية، مشددًا على أن هذه الفعالية ستكون مناسبة لتجديد العهد لدماء الشهداء والمضي على درب التحرير. كما ثمّن الدعم الكبير الذي تقدمه القيادة المحلية بمحافظة حضرموت والهيئة التنفيذية المساعدة لإنجاح الفعالية.

ويؤكد المراقبون أن حديث بن طالب يجسّد روح المرحلة، حيث تتلاقى الجهود المحلية والمركزية ضمن رؤية موحدة تستهدف تعزيز الوعي الوطني وترسيخ مبادئ ثورة أكتوبر التي أعادت للجنوب كرامته وهويته.

مشاركة مؤسسات المجلس الانتقالي تعكس وحدة الأداء الوطني

تزامنًا مع الاستعدادات الميدانية، عقدت الهيئة التنفيذية المساعدة بوادي وصحراء حضرموت سلسلة لقاءات تنسيقية مع أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس المستشارين، بحضور شخصيات بارزة مثل محمد باتيس والشيخ طالب باجري وخالد الكثيري. وتركزت النقاشات حول ترتيبات الفعالية وضمان تأمينها وتنظيمها على نحو يليق بالمناسبة التاريخية.

وأكد الزبيدي خلال اللقاء على أهمية توحيد الجهود بين مختلف الهيئات الجنوبية، مشيرًا إلى أن العمل بروح الفريق الواحد هو الضمان الحقيقي لنجاح الفعالية. فيما شدد باتيس على ضرورة تسليط الضوء على الأبعاد السياسية لثورة أكتوبر ودلالاتها التحررية، داعيًا إلى جعل المناسبة منبرًا لتجديد العهد نحو استعادة الدولة الجنوبية.

وتطرق المشاركون كذلك إلى ضرورة تبنّي مطالب فئات المجتمع المختلفة ضمن رسالة الفعالية، وفي مقدمتهم المعلمون الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة، في تأكيد على أن المشروع الجنوبي لا ينفصل عن هموم المواطن وقضاياه اليومية.

الإعلام الجنوبي يستعد لتغطية الحدث.. ورسائل وطنية إلى الداخل والخارج

هيئة الإعلام والثقافة بالأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعًا موسعًا برئاسة الأستاذ عبدالعزيز الشيخ، لمناقشة الخطة الإعلامية الخاصة بتغطية فعاليات الذكرى 62 لثورة 14 أكتوبر في الضالع وحضرموت. وتم خلال الاجتماع توزيع المهام على القطاعات والإدارات الإعلامية لضمان تغطية شاملة ومهنية للحدث.

وأكد الشيخ أن هذه المناسبة ليست مجرد فعالية احتفالية، بل حدث وطني يجسد الإرادة الجنوبية في التمسك بمشروعها التحرري، داعيًا وسائل الإعلام إلى نقل الصورة الحقيقية التي تعبّر عن وحدة الموقف الشعبي في الجنوب. كما شدد على أهمية تفعيل الخطاب الإعلامي الوطني الموحد الذي يواجه حملات التضليل، ويبرز الهوية الجنوبية كقضية سياسية مشروعة.

واختتمت الهيئة اجتماعها بدعوة وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية إلى المشاركة في تغطية الفعالية، وإيصال رسائلها إلى الرأي العام الدولي، مؤكدة أن ما ستشهده شبام في الأيام القادمة ليس مجرد مهرجان جماهيري، بل تأكيد على أن الجنوب ماضٍ بثقة نحو تحقيق أهداف ثورته واستعادة دولته كاملة السيادة.