الصوت الجنوبي _ تقرير خاص

تواجه محافظة حضرموت منذ أشهر حملة تضليلٍ إعلامي واسعة النطاق تستهدف قوات النخبة الحضرمية التابعة لقيادة المنطقة العسكرية الثانية، ضمن مخططٍ منظم يسعى إلى النيل من رموز المؤسسة العسكرية الجنوبية وتشويه إنجازاتها الميدانية والأمنية.

وتزايدت في الأيام الأخيرة الأخبار الكاذبة التي تبثها منصّات ممولة خارجيًا تتستر بأسماء جنوبية وهمية، وتستخدم أدواتٍ رقمية لإنتاج الشائعات وتوجيه الرأي العام نحو التشكيك الممنهج في القيادات الجنوبية.

لكن هذه المحاولات لم تنطلِ على وعي أبناء حضرموت، الذين تعاملوا مع تلك الحملات بفطنةٍ ومسؤوليةٍ وطنية، مؤكدين تمسكهم بمصدرهم الموثوق المتمثل في الجهات الرسمية ومنها المنطقة العسكرية الثانية.

خبرٌ مزيف يستهدف النخبة الحضرمية

في الـ 9 من نوفمبر الجاري، نشرت منصة تُسمى “أبناء حضرموت” التابعة للمدعو عادل الحسني، وقناة بلقيس التابعة للإخوانية توكل كرمان، خبرًا كاذبًا زعمت فيه أن قوات إماراتية اعتقلت المقدم الركن بحري ماجد أبوبكر العوبثاني، قائد لواء الضبة في المكلا.

وادّعت المنصة أن الاعتقال تمّ “بعد إقالة العوبثاني من منصبه بساعات”، وأن العملية “نُفّذت من قبل قوات إماراتية في مطار الريان”، في محاولة مكشوفة لإثارة فتنة داخل المؤسسة العسكرية بحضرموت.

الخبر الملفّق تضمّن تفاصيل مضللة عن “مداهمة مقر إقامة العوبثاني ومصادرة سلاحه وأجهزته”، في أسلوب دعائي يهدف إلى تشويه صورة القوات الجنوبية والدول الداعمة لها.

لكنّ الردّ الرسمي جاء سريعًا وحاسمًا من قيادة المنطقة العسكرية الثانية، التي أصدرت بيان نفيٍ واضح نسف الادعاءات من أساسها.

بيان المنطقة العسكرية الثانية.. الحقيقة من مصدرها

في بيانٍ رسمي صادر عن المركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الثانية بتاريخ 9 نوفمبر 2025، أكدت القيادة أن الخبر المتداول حول اعتقال المقدم الركن بحري ماجد العوبثاني “عارٍ عن الصحة تمامًا”.

وأكدت القيادة أن المقدم العوبثاني “في وضعه الطبيعي ولم يتم اعتقاله”، داعيةً وسائل الإعلام ورواد التواصل إلى التحقق من مصادر الأخبار قبل تداولها.

وشدد البيان على أن المنطقة العسكرية الثانية ستتخذ الإجراءات القانونية بحق كل من يروج أو يشارك في بث الأكاذيب التي تستهدف أمن حضرموت واستقرارها.

بهذا الموقف الرسمي، وضعت القيادة العسكرية حدًا لمحاولات التضليل، مؤكدة أن حضرموت ستظل واحة أمنٍ واستقرار بفضل وعي أبنائها واحترافية قواتها.

إشاعة جديدة من “إعلام الهضبة” ومغالطات مفضوحة

في الثامن من نوفمبر، وقبل يومٍ واحد من الشائعة السابقة، بثّت حسابات تابعة لما يُعرف بـ”إعلام الهضبة” وهي المجاميع المسلحة التي يقودها عمرو بن حبريش، منشوراتٍ تزعم أن “وثيقة رسمية” تكشف نهب مقاعد حضرموت في الكليات العسكرية.

المنشور الكاذب نسب توقيع الوثيقة إلى اللواء طالب بارجاش، زاعمًا أن “معظم المقاعد مُنحت لغير أبناء حضرموت”، في محاولة لإشعال فتنة مناطقية والطعن في نزاهة قيادة المنطقة العسكرية الثانية.

غير أن المتابعة الدقيقة أثبتت أن “الوثيقة” مزورة في التوقيع والتاريخ والمضمون، وجزء من حملةٍ متناسقة تستهدف شخص اللواء بارجاش والمؤسسة العسكرية الجنوبية ككل.

توقيت النشر، وتزامنه مع حملات مشابهة من منصات ممولة، يؤكد وجود غرف عملياتٍ رقمية تنسق هذه الإشاعات بشكلٍ ممنهج، بهدف ضرب الروح المعنوية للقوات الجنوبية وتفكيك ثقة المواطن بها.

العكبري يوضح الحقائق ويدعو إلى تحري المصداقية

في هذا السياق، علّق رئيس نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين بحضرموت الأستاذ فاروق العكبري على تلك المزاعم بمنشورٍ نشره عبر صفحته الشخصية، في الفيس بوك رصده محرر الصوت الجنوبي قال فيه: “كل ما يتم الترويج له حول الطلبة الدارسين في كلية الطيران والدفاع الجوي بمأرب هو ادعاء باطل، ولا يمكن نسبه للواء طالب بارجاش، فمعظم هؤلاء الطلبة تم ترشيحهم قبل توليه القيادة.”

وأكد العكبري أن هذه الأخبار “تستهدف النخبة الحضرمية وقيادتها من قبل أقلامٍ مغرضةٍ تعمل على نشر معلوماتٍ مزيفة وتزوير الحقائق”.

ودعا العكبري الجميع إلى أخذ الأخبار من مصادرها الرسمية وعدم الانجرار وراء الشائعات التي تمس أمن حضرموت، مؤكدًا أن اللواء طالب بارجاش “يعمل على تصحيح مسار قيادة المنطقة بعيدًا عن المحسوبية والمناطقية”.

وأضاف: “بصمات اللواء بارجاش واضحة ومشهود له بها، ومهما قيل من أكاذيب ومغالطات لن تنال من دوره الوطني في خدمة حضرموت والنخبة الحضرمية.”

“تحري الصدق” تكشف الغرف المظلمة خلف الشائعات

منصّة “تحري الصدق” المستقلة، نشرت في مطلع نوفمبر الجاري تحقيقًا موسّعًا كشفت فيه شبكة إلكترونية تُدار من صنعاء ومسقط تستخدم أسماء وهويات جنوبية لإطلاق حملات تضليل تستهدف الجنوب.

التحقيق أظهر أدلة رقمية تُثبت أن هذه الشبكة تعمل ضمن غرف عمليات حوثية وإخوانية متخصصة ببث الشائعات عبر مئات الحسابات المزيفة.

وذكرت المنصة أن تلك الحسابات تُدار بتقنيات تنسيق زمني متطابق لتضخيم الرسائل الإعلامية الكاذبة، ضمن حربٍ ناعمة تهدف إلى خلق فجوات داخل المجتمع الجنوبي وضرب الثقة بالمؤسسات العسكرية.

وأكدت “تحري الصدق” أنها ستواصل نشر أسماء الجهات والمشرفين على هذه الحملات في تقاريرها القادمة، حمايةً للوعي المجتمعي الجنوبي من محاولات الاختراق الإعلامي.

تُظهر هذه الوقائع أن حضرموت والجنوب عمومًا باتت ساحة رئيسية في معركة الوعي والإدراك، حيث تحاول قوى معادية بث الأكاذيب وتزييف الحقائق لتحقيق أهدافٍ سياسية وإعلامية.

لكنّ وعي أبناء الجنوب وإعلامه الوطني يقف سدًا منيعًا في وجه هذه الحرب الناعمة، مؤكدين أن الحقيقة ستظل أقوى من التضليل، وأن الثقة في مؤسسات الجنوب الأمنية والعسكرية هي صمام الأمان للاستقرار والسيادة.

إن مواجهة الشائعات ليست مسؤولية الإعلام فحسب، بل واجب وطني جماعي، يقوم على التثبت من المصدر، ومقاطعة المنصات المشبوهة، وتوحيد الصف الجنوبي في وجه كل محاولات التشويه والانقسام.