الصوت الجنوبي _ تقرير خاص

منذ تدشينه في السابع من ديسمبر 2025م، شكّل مخيم الاعتصام المفتوح في ساحة «القرار قرارنا» بمدينة المكلا محطة وطنية بارزة، عبّرت عن حالة الاصطفاف الشعبي الواسع لأبناء حضرموت خلف مطالبهم المشروعة، وفي مقدمتها إعلان دولة الجنوب العربي واحترام الإرادة الشعبية.

وخلال أكثر من أسبوعين من الفعاليات المتواصلة، تحوّل الاعتصام إلى مساحة جامعة لكل فئات المجتمع، من قبائل ووجهاء، ونقابات واتحادات، وشباب ونساء، ومثقفين ورياضيين، في مشهد عكس وحدة الصف الجنوبي وتماسكه في مرحلة مفصلية من تاريخه النضالي.

وشهدت ساحة الاعتصام برنامجًا متنوعًا من الأنشطة السياسية والتوعوية والثقافية والفنية والتراثية، تزامن مع انضمامات متتالية لمكونات اجتماعية ومؤسسية، ما رسّخ الاعتصام كحالة شعبية سلمية منظمة، ورسالة واضحة للداخل والخارج بأن قرار الجنوب نابع من الميدان.

التدشين الشعبي ورسائل اليوم الأول

انطلقت فعاليات الاعتصام المفتوح يوم الأحد 7 ديسمبر 2025م، استجابة لدعوة القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت، وسط توافد جماهيري كبير من مختلف مديريات الساحل، رفعوا أعلام الجنوب ولافتات تؤكد مطلب الاستقلال.

وشارك في التدشين عدد من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، يتقدمهم القائم بأعمال رئيس الهيئة التنفيذية بحضرموت الأستاذ محمد صالح باتيس، ونائبه الأستاذ علي أحمد الجفري، وعدد من القيادات العسكرية والوطنية، مؤكدين دعمهم الكامل للحراك الشعبي وتمسكهم بحق أبناء الجنوب في استعادة دولتهم.

وحمل اليوم الأول رسائل سياسية واضحة، أبرزها التفويض الشعبي للقيادة الجنوبية، والدعوة الصريحة للمجتمع الدولي للتحرك الجاد تجاه قضية شعب الجنوب، مع التأكيد على سلمية الاعتصام واستمراره حتى تحقيق أهدافه.

الفعاليات التوعوية والدعوية وتعزيز الوعي الوطني

ابتداءً من اليوم الثاني، شهدت ساحة الاعتصام تنظيم محاضرات وملتقيات توعوية ودعوية، ركزت على مشروعية الدفاع عن الأرض، وأهمية الوعي المجتمعي في هذه المرحلة، ودور التلاحم الشعبي في حماية المكتسبات الوطنية.

وقدّم عدد من القيادات والشخصيات الفكرية والدعوية كلمات ومحاضرات، من بينهم الأستاذ محمد صالح باتيس، والدكتور عبدالسلام مسعد، ومشايخ ودعاة، تناولوا الأبعاد الوطنية والشرعية للنضال الجنوبي، مؤكدين أن الاعتصام يمثل صوت الشعب وإرادته الحرة.

وساهمت هذه الأنشطة في رفع مستوى الوعي السياسي والمجتمعي داخل المخيم، وتحويله إلى مدرسة وطنية جامعة، تعزز الانتماء الجنوبي وتكرّس ثقافة النضال السلمي المنظم.

انضمامات واسعة تعكس وحدة المجتمع الحضرمي

شهدت أيام الاعتصام انضمامات متتالية لمكونات اجتماعية ومؤسسية، شملت قبائل كبرى مثل قبائل آل باوزير، وسيبان، وآل بلعبيد، ونوح، ويافع بني مالك، إضافة إلى وفود من مديريات الساحل.

كما أعلنت نقابات واتحادات مهنية، أبرزها نقابة المعلمين، وتحالف العمال والفلاحين والصيادين «عماد»، واتحادات رياضية وشبابية، ومنظمات مجتمع مدني، انضمامها الرسمي للاعتصام، في دلالة واضحة على اتساع قاعدة التأييد الشعبي والمؤسسي.

وعكست هذه الانضمامات حالة الإجماع المجتمعي حول مطالب الاعتصام، ورسخت صورة حضرموت كحاضنة وطنية جامعة لمشروع استعادة دولة الجنوب العربي.

الحضور النسوي والشبابي ودورهما في الحراك

سجّل القطاع النسوي حضورًا لافتًا في ساحة الاعتصام، من خلال فعاليات جماهيرية حاشدة، أكدت فيها نساء حضرموت دورهن المحوري في مسيرة النضال الجنوبي، ومساندتهن الكاملة لمطالب الاستقلال.

وألقت قيادات نسوية وشخصيات اجتماعية كلمات عبّرت عن اعتزاز المرأة الجنوبية بدورها التاريخي، فيما قدّمت الزهرات والبراعم فقرات فنية وإنشادية وطنية، أضفت على الاعتصام بعدًا وجدانيًا مؤثرًا.

كما كان للشباب حضور فاعل، سواء من خلال الكلمات، أو التنظيم، أو المشاركة في الأنشطة الثقافية والرياضية، ما عكس حيوية الحراك واستمراريته، وارتباطه بأجيال المستقبل.

الفعاليات الثقافية والتراثية ورسالة الهوية

تميّز مخيم الاعتصام ببرنامج ثقافي وتراثي غني، شمل أمسيات شعرية، وجلسات دان، وعروضًا فنية وتراثية قدمتها فرق شعبية من مختلف مناطق حضرموت، جسدت عمق الهوية الجنوبية وتنوعها الثقافي.

وشهدت الساحة ليالي فنية وإنشادية، ومسرحيات هادفة، وعروض للفرق النحاسية والشعبية، تفاعل معها جمهور واسع، في مشهد عكس أن الاعتصام لم يكن مجرد موقف سياسي، بل حالة مجتمعية متكاملة.

وأسهمت هذه الفعاليات في تعزيز الروح المعنوية للمعتصمين، وتأكيد أن الهوية الجنوبية حاضرة بقوة في وجدان المجتمع، وتشكل ركيزة أساسية لمشروع الدولة المنشودة.

يواصل مخيم الاعتصام المفتوح بمدينة المكلا حضوره الجماهيري اللافت، مؤكدًا أن قرار حضرموت والجنوب قد حُسم في الميدان، وأن الإرادة الشعبية باتت أكثر وضوحًا وصلابة.

ويمثل الاعتصام رسالة سياسية وشعبية قوية، مفادها أن أبناء حضرموت ماضون في نضالهم السلمي، متمسكون بحقهم المشروع في استعادة دولتهم، وملتفون خلف قيادتهم السياسية وقواتهم المسلحة الجنوبية، حتى تحقيق الهدف الوطني المنشود: إعلان دولة الجنوب العربي كاملة السيادة.