السبت, نوفمبر 23, 2024
أفرزت حرب 2015م التي شنتها مليشيات الحوثي واقعًا صعبًا ومريرًا انعكس على حياة السكان بالشمال والجنوب، وتفاقمت مشكلاتهم ومعاناتهم الإنسانية، وتمثل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومواثيق القانون الدولي الإنساني، ومبادئ قانون حقوق الإنسان، أبرز ملامح هذا الواقع والصراع فتزايدت ظاهرة السجون السرية وحالات الاخفاء والاختطاف والاعتقال التي مارستها المليشيات الإخوانية ومليشيات الحوثي خلال السنوات الماضية..." />
أفرزت حرب 2015م التي شنتها مليشيات الحوثي واقعًا صعبًا ومريرًا انعكس على حياة السكان بالشمال والجنوب، وتفاقمت مشكلاتهم ومعاناتهم الإنسانية، وتمثل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومواثيق القانون الدولي الإنساني، ومبادئ قانون حقوق الإنسان، أبرز ملامح هذا الواقع والصراع فتزايدت ظاهرة السجون السرية وحالات الاخفاء والاختطاف والاعتقال التي مارستها المليشيات الإخوانية ومليشيات الحوثي خلال السنوات الماضية من عمر الحرب.
وفي محافظة شبوة الصامدة صمود الجبال الشامخة تعرضت حقوق الإنسان لأسوء أنواع الانتهاكات الممنهجة خلال الأربع السنوات من سيطرة الإخوان على المحافظة في 23 أغسطس 2019م، حيث وثقت الشبكة المدنية للإعلام والتنمية وحقوق الإنسان، الكثير من حالات التعذيب في السجون السرية للقوات الخاصة التابعة لحزب الإصلاح (فرع تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن) والتي غيب فيها العشرات من الأشخاص ممن تعرضوا للتعذيب، والعنف النفسي، والجسدي، واللفظي، والتي ستظل آثار جراحها مفتوحة في ذاكرة وقلوب الضحايا وأسرهم لزمن طويل.
بينما تنص المادة “5” من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م على أنه:” لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة”.
وكشف تقرير الشبكة المدنية للإعلام والتنمية وحقوق الإنسان أن حالات الانتهاكات في محافظة شبوة بلغت 700 حالة انتهاك منها 443 حالة تعذيب طالت كل فئات المجتمع منها: 262 حالة من الشباب، وعدد 27 حالة من الأطفال، وعدد 37 حالة من كبار السن، وعدد 17 حالة من الإعلاميين للمدة من يناير 2019- يونيو 2022م.
ويبرز التقرير حقائق ملموسة لنماذج وقصص إنسانية مؤلمة يرويها عدد من الضحايا، ولتسليط الضوء أكثر على معاناة المعتقلين في السجون السرية للقوات الخاصة بشبوة التابعة للمدعو عبدربه لعكب الشريف، كان لنا حوار مع أحد المعتقلين مناضل وقيادي أمضى سبعة أشهر في دهاليز السجون السرية بين محافظتي شبوة ومأرب، إنه المعتقل المناضل الأستاذ حسن بن حسن الطفي، القيادي بالثورة السلمية الجنوبية والمقاومة الجنوبية وعضو المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة لحج. بعد الترحيب به ومباركة خروجه من السجون، كان لنا هذا الحوار معه.
-متى واين تم اعتقالك وأين؟
تم اعتقالي في 19 يونيو 2021م من قبل جنود تابعين للقوات الخاصة في نقطة تسمى الخبيه في محافظة شبوة على الطريق الرابط بين محافظة عدن وشبوه وحضرموت.
-متى أطلق سراحك؟
أطلق سراحي بتاريخ 10 يناير 2022م بعد قضائي سبعة أشهر عجاف داخل زنزانه انفراديه ابتداء بمعسكر الشهداء بمدينة عتق وانتهاء بمقر قيادة المنطقة العسكريه الثالثة بمحافظة مأرب.
وكان معي زميلي وصديقي حسين علي حمزه الذي تم إطلاق سراحه قبل خروجي بثلاثة اشهر تقريبًا.
-كيف كان الوضع داخل المعتقل وكيف كان يتعامل معكم الجنود؟
في الحقيقة اولًا لم يتم إيداعنا في السجون الرسمية المتعارف عليها والمخصصة لأصحاب القضايا السياسية والجنائية بل تم ايداعي في البداية داخل (كنتينر) أو بمعنى آخر داخل حاوية معدنية مساحتها مترين ونصف في مترين ونصف وكانت مليئة بالقمامة ومن ثم تم نقلنا إلى مكان آخر في منطقه تسمى عين بامعبد،
أنا وزميلي، ووضعوا كل واحد مننا بزنزانه لوحده، ومن ثم قاموا بنقلي أنا إلى مكان آخر أسوء من ذي قبل.
المكان كان عباره عن مستودع فيها بعض بقايا الحديد الخرده وكان بداخله شخص مسجون وينام فوق الأرض دون فراش وكان المكان مظلم ولا توجد به أي فتحه للتهوية ماعدا هواء بسيط يدخل من تحت الباب.
وفي اليوم الثالث تم نقلي إلى عتق مقيد الأيدي معصوب الأعين، وتم سجني في معسكر الشهداء داخل غرفة صغيرة ثلاثة متر في مترين ونصف، لا يوجد فيها أي شباك ولا فتحه تهوية بالباب وتركوني داخلها لأربعة أيام أنا وشخصين آخرين وكنت انام فوق البلاط لعدة أيام، من ثم أتوا لي بقطعة فراش مقطع ووسخ وقاموا بنقل الشخصين الآخرين من عندي إلى زنزانه أخرى وتركوني لوحدي في زنزانه انفراديه من نهاية شهر يونيو 2021م إلى نهاية شهر ديسمبر 2021م بعدها تم نقلي إلى مأرب.
خلال فترة بقائنا بالسجن في شبوة قاموا بالتحقيق معي مرات عديده تم تبصيمي على 27 صفحه وكنت معصوب العينين لا اعرف ماهو محتوى الأوراق تلك.
وكان المحققين يقتادوني في الأسابيع الأولى لاعتقالي أحيانًا مرتين واحيانًا ثلاث مرات بالليلة الواحدة ابتداءً من الساعة العاشرة والنصف ليلاً وتنتهي الساعة الثالثة فجرًا.
-هل كنتم تحصلون على طعام جيد وتنامون جيدًا؟
الطعام كان سيء جدًا كانوا لكل سجين عدد من حبات الخبز (المسمى كدم ) يتم رميها على الأرض بجانب باب الزنزانه بالإضافة إلى كيس يحتوي على بازيليا مليئة بالزيت والفلفل (البسباس) ويستمر هذا الطعام لمدة شهرين فطور وعشاء، ثم يتم استبدال البازيليا بالفول المدمس المغرق بالزيت والفلفل. أما الغداء فكان عباره عن قليل من الرز وربع حبة دجاج فقط طوال فترة الاعتقال، أما بالنسبة للنوم فكانت الغرفة حارة جدًا، ويوجد بها مئات الصراصير بمختلف أنواعها بالإضافة إلى البعوض الكثيف والذباب المزعج كما يوجد بالزنزانه كشاف ضوء قوي يظل شغال على مدار 24 ساعة ليلًا ونهارًا، كما أن المحققين طوال الليل يظلون ذاهبين وراجعين لأخذ المساجين إلى مقرات التحقيق، فحتى في الفترات التي لم يتم التحقيق بها معي كنت اسمع أبواب الزنازين المجاورة وهي تفتح وتغلق كل ليله عندما يأتي الجنود لاقتياد المعتقلين الآخرين للتحقيق معهم، كما كنت اسمع أحيانا، أصوات صراخ من بعض المساجين الذين يتعرضون للضرب، فكان يأتي الجنود لضرب بعض المعتقلين دخل الممر الفاصل بين الزنازين التي كنا معتقلين فيها، هذا بالنسبة لمحافظة شبوة، أما محافظة مأرب فكان الوضع أسوء بكثير فكان السجن هناك عبارة عن حمام ضيق جدًا يبلغ طوله 200 سنتيمتر وعرضه 80 سنتيمتر، وكان مقسوم إلى قسمين بحبتين من البلك(البردين)، والقسم الأول عبارة عن خمسين سنتيمتر موضوع فيه (مرحاض) كرسي عربي لقضاء الحاجه والقسم الأخر 150 سنتيمتر موضوع فيه فراش قذر يستخدم لنوم السجين وفي سقف الحمام توجد كاميرا مراقبة فيديو تراقب المعتقل طوال 24 ساعة، وبالنسبة للطعام بمأرب كان عباره عن حبتين من الكدم فطور وعشاء فقط دون خصار، والغداء حبتين كدم وقليل من الرز المخصص للنازحين وبدون اي حاجة.
-هل كانوا يسمح لكم بتغيير ملابسكم في السجون السرية؟
بالنسبة للملابس لم يسمح لنا بتغيير ملابسنا طوال سبعه أشهر عجاف، كما لم يسمح لنا بحلاقة رؤوسنا أو حلاقة اللحية، وكنا نعاني لأشهر حتى يسمح لنا بقص أظافرنا التي كانت تكبر وتصبح مزعجة جدًا لنا، هذا بالنسبة لي أنا شخصيًا، وربما كنت أنا أفضل من غيري بكثير فهناك من المساجين من سمعت أنهم تعرضوا للضرب المبرح والتعذيب بالعصا الكهربائية، والسجن تحت الأرض في غرفة مظلمه قذرة تسمى الضغاطه.
-خلال فترة اعتقالكم هل سمحوا لكم بالزيارة؟ وهل قامت أي منظمات حقوقية محلية أو دولية بزيارتكم وتقييد ما تعرضتم له من انتهاكات؟
سمح لي بزيارة واحدة فقط في الأسبوع الأول لاعتقالي تم السماح لشقيقي حسين بزيارتي برفقة اثنين من اصدقائي وكانوا حينها مسئولين بالشرعية ولهم مكانتهم واحترامهم عند الحكومة أحدهم العميد خالد ديان اركان لواء حرب المتمركز بالحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، والشخص الآخر الاخ هاني اليزيدي مأمور مديرية البريقة السابق.
وزيارتهم كانت بغرض التوسط لإطلاق سراحي ولكنهم لم يتمكنون من إطلاق سراحي حينها، رغم أنهم حصلوا على توجيهات بإطلاق سراحي من مدير أمن شبوة حينها العميد عوض الدحبول واحد وكلاء المحافظة لا اذكر اسمه، إلا أن المدعو عبدربه لعكب، رفض تلك الأوامر، وقال يريد أمر من المحافظ وكان حينها المحافظ بن عديو.
-كيف تم إطلاق سراحك؟
عندما تم إقالة المحافظ محمد صالح بن عديو واستبداله بالأخ عوض ابن الوزير أصدر ابن الوزير أوامر للمدعو عبدربه لعكب يطلب منه إطلاق سراحي إلا أن لعكب رد عليه برسالة خطية ينفي فيها وجودي عنده بسجن معسكر الشهداء، ويؤكد أنه تم تسليمي للاستخبارات العسكريه بالمحافظة، وبعد البحث والتحري من قبل اخي العزيز العميد خالد ديان في مختلف سجون شبوه لم يتم العثور علي لا في الاستخبارات العسكرية، ولا في سجون الأمن السياسي. بعدها قام بالتواصل مع رئيس جهاز الاستخبارات العسكريه بالجمهورية الاخ احمد محسن اليافعي، ووكيل الأمن السياسي الأخ شعفل اليافعي، والتواصل مع وزير الشباب والرياضة الأخ نايف البكري وإبلاغهم بأن الاخ حسن الطفي غير موجود في أي سجن من سجون شبوة، وهذا مؤشر يدل على أن القوات الخاصة ربما قامت بتصفيته جسديًا، وعليه فإنهم يرجون منهم إبلاغ رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية اما أن يعطوا توجيهاتهم للمدعو عبدربه لعكب بإظهار الاخ حسن حيًا أو يسلموا لهم جثته إذا كانت ميتًا، أما بعدها ستكون لنا خياراتنا المفتوح، طبعًا الوزراء المذكورين بالإضافة إلى الأخ المحافظ ابن الوزير قاموا بجهود وضغوط شديدة جدًا على المدعو عبدربه لعكب، للكشف عن مصيري وبعد 48 ساعة اعترف لعكب بأنه قام بنقلنا إلى محافظة مأرب، وحينها أتى الاخ القائد العميد خالد ديان إلى مأرب وبعد تواصله مع الوزير البكري ورئيس الاستخبارات العسكرية احمد اليافعي الذين قابلوا نائب رئيس الجمهورية حينها علي محسن الأحمر وطلبوا منه شخصيًا اصدار توجيهات للسلطات في مأرب بإطلاق سراحي، وفعلًا أصدر التوجيهات بذلك وتم إطلاق سراحي في 10 يناير 2022م من مأرب. طبعًا خلال تلك الفترة قام المئات من زملائي في محافظة حضرموت ولحج وعدن وزملائي المعتقلين -الذين تم الافراج عنهم- وناشطين سياسيين في المجلس الانتقالي الجنوبي محافظة شبوة، قاموا بالكتابة والمناشدة وتسليط الأضواء عن قضية اعتقالي وتوضيحها للرأي العام، ولو لم يحصل هذا كله لربما كنت لازلت في السجون أو تم تصفيتنا خلف القضبان.
كما أن الشبكة المدنية لحقوق الإنسان فرع شبوة كتبت وتابعت واجتهدت في تسليط الأضواء على قضيتي شخصيًا، وكذلك على قضايا باقي المعتقلين وبعد خروجنا من السجن، قامت الشبكة المدنية لحقوق الإنسان وعبر مركزها الرئيسي في العاصمة عدن وبتوجيهات من رئيسها الدكتور محمود شائف بمقابلتنا وتوثيق كل ما تعرضنا له بأفلام وثائقية بالصوت الصورة، وعملوا لنا مؤتمر صحفي بالعاصمة عدن بتاريخ 29 سبتمبر 2022م، وشاركنا أنا وبعض المعتقلين في السجون السرية بشبوة.
-في ختام هذا الحوار هل من كلمة توجهها؟ ولمن؟
نعم، في الختام نوجه الشكر والتقدير لكل من حمل على عاتقه مسئولية البحث والمتابعة عننا وكل من كتب وتحدث عننا وجعل قضيتنا قضية رأي عام وحاضرة في وجدان الجميع.
كما نشكر المجلس الانتقالي الجنوبي ابتداءً من الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي الذي اهتم وتابع قضيتي منذ اعتقالي إلى يوم الإفراج عني، كما اشكر رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي بمحافظة حضرموت على كل الجهود التي قاموا بها من اجلي، واشكر محافظ شبوة الأخ عوض ابن الوزير على استقباله لنا بعد خروجنا مباشرة من السجن بمأرب، وكذلك رئيس انتقالي شبوة العميد علي الجبواني على استضافته لنا، كما اشكر أبناء شبوة جميعًا من وكيل محافظة ومدير عام عتق وأخص بالشكر الشيخ عبدالله بنان، وحسن سالمين، والاسير الشاب عبدالرحمن شيخ باحاج، وكل أبناء شبوة الذين غمرونا بأخلاقهم الكريمة ومواقفهم العظيمة والذين كانوا لنا نعم الأهل ونعم السند والعون اثناء فترة اعتقالنا الطويلة.
ونشكر رئيس وأعضاء انتقالي لحج وعلى رأسهم زميلي وصديقي رمزي الشعيبي، والشكر والتقدير موصول لك أستاذة مريم بارحمه على استضافتك لي بهذا الحوار الصحفي المطول والمفصل ولصحيفة وموقع 4 مايو.
نبذه مختصرة عن نشاط المناضل القيادي السياسي والثوري
-الأستاذ حسن بن حسن الطفي، متزوج وأب لولد وأربع فتيات.
-عضو مجلس انتقالي لحج، وقيادي بالمقاومة الجنوبية أثناء حرب 2015م، وكان يقود أحد فصائل المقاومة أثناء الدفاع على عدن ابتداءً من حجيف بالتواهي، مرورًا بجعوله، ووصولًا إلى محافظة لحج معركة تحرير العند.
-اصيب باليوم الأول لمعركة تحرير العند وكان حينها إلى جانبه القائد احمد سيف اليافعي، اصيت بشارع العشش، وتم إسعافه إلى مستشفى مصافي في عدن
– وهو أحد مناضلي الثورة الجنوبية السليمة فقد كان حينها في حضرموت وشارك بقيادة الثورة السلمية إلى جانب الأخ حسن أحمد باعوم، والأخ أحمد محمد بامعلم وآخرين.
– اعتقل في أول مسيرة غاضبه في 1 سبتمبر عام 2007م إلى جانب القيادي حسن باعوم وآخرين وهذه المعلومات موثقة بصحيفة الأيام التي كانت تغطي احداث محاكمتهم في تلك الفترة.
-وبعد إطلاق سراحهم بفتره تم تشكيل مجالس الحراك بالمحافظات وتم اختياره نائب أول لرئيس مجلس الحراك الثوري محافظة حضرموت.
-استمر نائب لرئيس المجلس الحراك الثوري إلى أن شنت مليشيات الحوثي حرب 2015م، وتشكلت المقاومة الجنوبية وانتقل حينها إلى العاصمة عدن للمشاركة في الدفاع عن عدن ونقل اسرته من حضرموت إلى يافع.
-تم استدعائه من قبل الرئيس علي سالم البيض إلى بيروت إلى جانب عدد من قيادات الحراك السلمي ومنهم الأستاذ علي هيثم الغريب، والأستاذ احمد بامعلم وشارك بالمؤتمر الصحفي في 21 مايو 2012م إلى جانب الرئيس علي سالم البيض احتفاءً بالذكرى ال 18 لإعلان فك الارتباط.
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024