الصوت الجنوبي _ تقرير خاص

«تيج» اسم غير مألوف لكنه أصبح أشهر من نار على علم، خصوصاً بعد أن أُطلق على الاعصار الذي ضرب المناطق الشرقية في بلادنا وهي محافظتي حضرموت والمهرة، حيثُ ضرب سواحل المهرة بصورة مباشرة مابين حصوين ورأس فرتك، مما تسبب بأضرار بالغة جعلت السلطات تصنفها مناطق منكوبة، أما في حضرموت فقد تأثرت سواحل مديريتي الريدة وقصيعر والديس الشرقية.

ومابين الركام وجنبات الدمار برزت لنا جوانب إنسانية عديدة، سطرت معنى الإخوة وإغاثة الجار، ويتمثل ذلك في الدور الذي قامت به سلطة حضرموت المحلية، التي لم تترك المهرة وحيدة تصارع الاعصار، بل هبت لنجدتها ودعمها إغاثياً وفنياً ومعنوياً، وكذا دور إنتقالي حضرموت الذي وصل إلى أزقات مديرية الريدة وقصيعر التي كان الأهالي فيها يتنقلون بالقوارب لارتفاع منسوب المياه.

_ انذار مبكر :

مدير مركز الانذار المبكر بمحافظة حضرموت، المهندس عبدالرحمن حميد، قال في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ «مركز الانذار المبكر بمحافظة حضرموت قام بمتابعة الحالة المدارية ”تيج“ قبيل تشكلها بحوالي اسبوعين في بحر العرب، وبعد عمليات مراقبة وتحليل للقراءات الارصادية؛ قام باصدار اشعار رقم 1 للسلطات المحلية قبيل ضرب الاعصار المحافظات الشرقية بفترة أسبوع، وكان نصه على انه يتابع المركز فرص نشؤ حالة اعصارية متوقعة في بحر العرب».

وبيّن ”حميد“ إنَّ «المركز يقوم باتباع معايير ونظم انذارية متعارف عليها عالمياً، تبدأ من خمس درجات بتقرير ثم اشعار ثم تنبيه ثم تحذير ثم طوارئ وهذه الدرجة القصوى، قبيل المؤثر الجوي بـ 48ساعة، يقوم المركز بمعالجة البيانات المدخلة ثم التحليل ثم التقييم ثم اظهار النتائج للجمهور والجهات المعنية يواكب متغيرات اي حدث جوي، ادخل المركز تقنيات حديثة في نظم التنبؤات العددية تواكب تطورات العصر في مجال الارصاد والانذار المبكر ساهمت كثيراً في دقة المعلومة وتحديد مناطق التهديد المباشر من أول تقرير وحتى آخر تقرير في اعصار ”تيج“».

وأضاف مدير مركز الانذار المبكر بمحافظة حضرموت، قائلاً: «ضرب الاعصار سواحل محافظة المهرة بصورة مباشرة مابين حصوين وراس فرتك؛ مما تسبب بأضرار بالغة ووقوع فيضان الاودية بنسب كبيرة لم تحدث منذ عدة عقود من الزمن، بعد تراجع الاعصار لمستوى منخفض جوي تأثرت سواحل مديريات شرق حضرموت بامتداد تأثير مباشر للحالة المدارية، مما تسببت بوقوع كميات عالية من الأمطار لم تشهدها المنطقة منذ عدة سنوات؛ بلغت كميتها المسجلة بين 250مليمتر في ريدة وقصيعر، و 160 مليمتر في ارياف الديس الشرقية، مما تسببت بغزارة جريان الأودية الجارفة».

_ تحرك انتقالي :

مدير مكتب رئيس إنتقالي حضرموت، سعيد خالد، أكد في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ «قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت، ممثلة بالعميد الركن سعيد أحمد المحمدي، رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس بالمحافظة، وجه منذُ اليوم الأول حين أصبحت مديرية الريدة وقصيعر منكوبة أثر الكارثة المدارية ”تيج“، وحلت الأضرار الكبيرة التي خلفتها بالبنية التحتية للمديرية بعمل عدة خطوات».

وأضاف ”سعيد“ قائلاً: «لقد وجه رئيس المجلس الإنتقالي بحضرموت قيادة المديرية بسرعة حصر الاضرار بالمناطق، وسبل تعويض المتضررين وإعادة الخدمات وفتح الممرات الرئيسية المهمة، وفتح الطرقات بالاحياء التي كان منسوب الماء أكثر، مما جعل الأهالي بتلك الاحياء يقومون باستخدام القوارب للتنقل، بسبب امتلاء الشوارع المجاورة لبيوتهم ببرك المياه».

وتابع مدير مكتب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت حديثه بالقول: «صباح السبت زار رئيس المجلس بالمحافظة المديرية، ومن فرحة ابناء المديرية فقد استقبلوا قيادة المجلس بالمحافظة بالاعلام الجنوبية وصور الرئيس الزُبيدي، وعبروا عن شكرهم وتقديرهم لاهتمام المجلس باوضاعهم ومسارعته في نجدتهم، لتوفير الآليات الضرورية لفتح الممرات الرئيسية بالمديرية وشفط البرك من الطرقات».

_ منطقة منكوبة :

المراسل التلفزيوني رائد جوبان كان شاهداً على ضرب اعصار ”تيج“ لمحافظة المهرة وتحديداً منطقة ”حصوين“ التي اُعلنت منطقة منكوبة، وروى لـ ”الصوت الجنوبي“ ماحدث قائلاً: «اهالي المهرة منطقة حصوين بالذات كانت ليلة الاثنين مرعبة لهم، ففي ساعته التاسعة ضرب الاعصار مناطقهم بكل قوته وحول قرائم إلى جزر عائمة فوق سيول الامطار، التي قطعت طريقهم الدولي من الجهتين وجرف مواشيهم، خروج منظومة الكهرباء والاتصالات والانترنت عن الخدمة زاد حدة الاضرار، فلم يستطيعوا التواصل مع المناطق الاخرى لاسعافهم حتى صبيحة الخميس الذي عادت فيه الكهرباء».

وكشف ”جوبان“ أنه وفق التقرير الاممي فان موجة النزوح في محافظة المهرة تجاوزت الألف وسبعمائة عائلة، اما اعداد المنازل لاتوجد احصائية دقيقة، ففي قرى صقر وكبريت وكدي فوت اكثر المناطق تضرراً في حصوين؛ يبلغ العدد التقريبي للمنازل في القرية الواحدة مئتين وخمسين منزل، السلطة اعلنت عن حالتي وفاة احدهم امرأة مسنة اثر تهدم منزلها من شدة الاعصار.

_ مصير واحد :

وفي جانب إنساني يعكس مدى الإخاء والروح الواحدة مابين أبناء محافظتي حضرموت والمهرة، أقدمت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت على مد جسور التعاون وتقديم يد العون لمحافظة المهرة بعد أن ضربها اعصار ”تيج“، وتسبب بخسائر كبيرة في بنيتها التحتية.

حيثُ قدمت محافظة حضرموت 32 شاحنة محملة بالمواد الغذائية، والعلاجية، لأهالي محافظة المهرة، وخصوصاً منطقة ”حصوين“ التي تعد أكثر تضرراً، كما ارسلت الفرق الفنية في الكهرباء والاتصالات، وفريق برنامج محور الملاريا للتدخل في الجانب الوقائي.