الصوت الجنوبي _ تقرير خـاص

نحو عقد من الزمان إلا عام، مر على الحرب التي تشهدها بلادنا، وما زالت آثارها وتبعاتها مستمرة إلى اليوم، على الرغم من إيقاف إطلاق النار والهدنة سارية المفعول، حرب تسببت بأزمات إقتصادية ومعيشية في غاية الصعوبة، انهكت ذوي الدخل المحدود والأجر اليومي.

في حضرموت التي تعتبر من أغنى محافظات البلاد، والتي يعتقد الكثيرون بأن أبناءها يعيشون رغد العيش، أُطلقت العديد من المبادرات المجتمعية، الهادفة إلى مساعدة الأهالي قدر المستطاع، والتخفيف من وطأة الأعباء الإقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعانونها بشكل يومي، خصوصاً في جانبي العلاج والغذاء.

_ سفراء السعادة:

مؤسس ورئيس مبادرة ”سفراء السعادة“، محمد أحمد باحبارة، كشف عن سبب إطلاق هذه المبادرة الخيرية قائلاً: «بدأت المبادرة في منتصف العام 2015م، عندما كنت أعمل مديراً للبرامج والمشاريع بمؤسسة السرطان (أمل) بمدينة المكلا، فقدم إلينا رجل حاملاً تقريراً صحياً لعمليةٍ تحتاجها ابنته ذات الستة أشهر، أصيبت بسرطان حميد في الظهر، ولا تستطيع الحركة كونها طريحة الفراش، فاعتذرنا منه لأن المؤسسة تتدخل في الأمراض الخبيثة فقط، فغادرنا بوجه حزين، فتبعته إلى خارج المؤسسة واقترحت عليه فكرة نشر منشور في مواقع التواصل الإجتماعي، مع القيام بتغطية اسم ابنته من التقرير، فوافق الرجل وكان همه معالجة ابنته، والحمدلله بعد نشر المنشور تمت الاستجابة لنا والتبرع بالمبلغ المالي الذي يقدر بنحو الـ (ربع مليون) يمني في نفس اليوم».

وحول صعوبة البدايات والأعمال التي قدمتها المبادرة، فقد تحدّث ”باحبارة“ في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ «البداية كانت صعبة جداً، والمجتمع لم يتقبل الفكرة، لكننا واصلنا العمل، بنفس الطريقة الأولى وهي التسويق عبر مواقع التواصل الإجتماعي، فقد ساهمنا في العمليات الجراحية والعلاجات، وكفالة الأيتام، إضافة إلى توزيع السلل الغذائية، وتنفيذ المشاريع الخيرية من بناء المساجد وسُقيا الماء، وكنا كلما ننشر منشور يأتي فاعل خير يتكفل بالاحتياجات، وفي المقابل تظهر لنا العديد من الأُسر المحتاجة التي تتواصل بنا».

وعن آلية العمل المتبعة لديهم فقد قال مؤسس مبادرة ”سفراء السعادة“: «إننا نعمل دون ميزانية شهرية أو سنوية، فنحن لسنا جمعية أو مؤسسة خيرية، بل ننشر المنشور للحالة التي بحاجة إلى العلاج أو الغذاء أو غيره، وعندما يتواصل معنا فاعل خير لأي مناشدة؛ نخبره بعدم رغبتنا بتسليمه المبلغ المالي لنا، بل نقترح عليه تسليمه للمستشفى مباشرة إذا كان التبرع لأجل عملية جراحية، ولو كانت لسلل غذائية أن يقوم بشرائها وسندله على بيوت المحتاجين، إلا في حالة أنه أصر علينا استلام منه المبلغ، نستلمه ونتعهد بالله إننا لا نأخذ منه شيئاً لأنفسنا، ومن هُنا بدأت الثقة تتولد فيما بيننا، بينما معظم التبرعات التي جُمعت كانت عن طريق الأسهم، وهي تقسيم المبلغ المطلوب لعدة أسهم لإتاحة الفرصة للجميع بالتبرع، وهذه نقوم بها في حالة ما إذا المناشدة تحتاج إلى مبالغ كبيرة».

_ مخابز مدعومة:

الخبز (الروتي) يعتبر من الأساسيات للعديد من البيوت في مدينة المكلا، خصوصاً في وجبتي الفطور والعشاء، لهذا أطلق محمد علي المحمدي، مبادرة ”الخبز الخيري“ وذلك في العام 2017م، حيثُ يقوم بشراء الخبز من المخابز الآلية ومن ثم توزيعه مجاناً على الأسر المحتاجة.

وبيّن ”المحمدي“ في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ «مشروع الخبز الخيري كان يستفيد منه أكثر من (200) أسرة يومياً، لكن ذلك لم يكن كافياً، لتأتي لنا فكرة إنشاء ”مخابز مدعومة“ عبر تجار ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني، وتم إنشاء أول مخبز داخل مدينة المكلا تحديداً في منطقة ”جول الشفاء“، ثم توسعت الفكرة إلى إنشاء مخابز على مستوى ساحل حضرموت، حيثُ تم إنشاء (16) مخبز ما بين المكلا والشحر وغيل باوزير والديس الشرقية والريدة الشرقية، و (2) مخابز في محافظة عدن، والتي يكون سعر الخبز فيهن بالنسبة لنا يباع بـ (20) ريال يمني للحبه ، و (30) ريال يمني للمؤسسات الخيرية، بينما سعر المخابز غير المدعومة يصل إلى (100) ريال يمني للحبه، وتكلفة إنشاء مخبز مدعوم متوسط تكون حوالي (150) ألف ريال سعودي».

وأضاف:«إن أبرز الأعمال التي نطمح لها هي إنشاء مخابز خيرية مدعومة، في كل حي من أحياء مدينة المكلا بشكل عام، بل حضرموت كافة، وهدفنا التخفيف عن الأسر المحتاجة من غلاء المعيشة والأزمة الإقتصادية التي تمر بها بلادنا، عبر توفير لهم مخابز مدعومة قريبة من بيوتهم يقومون بالشراء منها بكل سهولة ويسر، كون الإقبال شديد على هذه المخابز المدعومة الموجودة حالياً، والتي تم إنشاءها بفضل الله ومن ثم فاعلي الخير الذين نسأل الله أن يبارك لهم في أرزاقهم وأعمارهم».

_ حملة فلنتعاون:

حملة ”فلنتعاون“ بقيادة الشاب عمر أحمد العطاس، انطلقت في نهاية العام 2019م، وكان هدفها ردم حُفر الشوارع في مدينة المكلا، للتخفيف من حوادث السيارات والازدحامات المرورية في الخطوط الرئيسية.

وعن أبرز الأعمال التي قامت بها الحملة خلال الأعوام الماضية يقول ”العطاس“ في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: «لقد قمنا بتنفيذ (31) حملة لردم الحُفر، وتركيب (230) لوحة إرشادية داخل مدينة المكلا وفي الخط الدولي الرابط بين ساحل ووادي حضرموت، إضافة إلى تركيب إنارة تعمل بالطاقة الشمسية في (31) مقبرة أموات داخل المكلا وخارجها، وتركيب عدد (18) برميل نظافة في شارع الستين بمدينة المكلا».

ويضيف مؤسس ورئيس حملة ”فلنتعاون“، إنَّ «الحملة لم تقتصر على ما سبق فقط، بل امتدت لتشمل، توفير السلل الغذائية، والأدوية العلاجية، والمساعدة في مبالغ العمليات الجراحية، وإنارة المساجد بالبطاريات وتوفير اللمبات، إضافة إلى سقيا الماء، وتوفير التمور للمحتاجين، والختم للمساجد، وكان آخر الأعمال توزيع الدجاج المجمد بشكل أسبوعي على الأسر المتعففة».

_ مساعدات دولية:

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إن نحو (6) ملايين طفل في اليمن على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة، مؤكدة حاجتهم الماسة إلى دعم عاجل، وأوضح مكتب المنظمة في اليمن أنه: «حان الوقت لتكثيف التزاماتنا مع الشركاء الأوروبيين لتقديم الإغاثة المنقذة للحياة والدعم».

وبحسب تقرير للمنظمة في أواخر مارس، فإن أكثر من (11) مليون طفل في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم (2.2) مليون يعانون من سوء التغذية الحاد. وكانت المنظمة الدولية قد أعلنت مطلع العام الجاري عن احتياجها العاجل إلى (484) مليون دولار لمواصلة استجابتها الإنسانية المنقذة لحياة الأطفال في اليمن خلال 2023.

يذكر أن برنامج الأغذية العالمي أعلن حاجته العاجلة إلى (80) مليون دولار، حتى يتمكن من الاستمرار في تقديم المساعدات الغذائية المنقذة لحياة الأطفال في اليمن، وفي نهاية فبراير، تعهدت الدول المانحة تقديم (1,2) مليار دولار لسكان اليمن، وهو ما أثار استياء منظمات الإغاثة الإنسانية التي كانت تطالب بأكثر من (4) مليارات دولار.