الصوت الجنوبي – تقرير خاص

أعلنت مليشيا الحوثيين الإرهابية، المدعومة من نظام طهران، توسيع نطاق هجماتها البحرية لتشمل البحر الأبيض المتوسط، ضمن ما أطلقت عليها “المرحلة الرابعة” من عملياتها ضد السفن الإسرائيلية.

وأتى ذلك في خطاب ألقاه المتحدث الرسمي باسم الحوثيين يحيى سريع في مدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيا. ولفت إلى أنّ المرحلةِ الرابعة منَ التصعيد، تشمل استهداف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية في أي منطقة تقع ضمن نطاقهم، مضيفاً أنَّ “التصعيد سيدخل حيز التنفيذ على الفور”.

وهدد زعيم مليشيا الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطاب متلفز، بقصف البوارج والسفن الأمريكية بالصواريخ والطائرات المسيرة في حال قامت الولايات المتحدة باستهداف اليمن، رداً على هجمات الجماعة ضد السفن التجارية.

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطابه، إنَّه “تم تنفيذ 8 عمليات عسكرية هذا الأسبوع. وبلغ عدد الصواريخ المستخدمة 33 صاروخًا باليستيًا ومجنحًا وطائرة مسيرة. فيما بلغ عدد السفن المستهدفة 6 سفن. كما تم اسقاط طائرة استطلاع مسلحة أمريكية من طراز MQ9″، ولفت إلى أنَّ هذه الطائرة هي الثالثة التي يتم إسقاطها خلال هذه الفترة.

وحتَّى مطلع مايو الجاري، قال عبد الملك الحوثي: “بلغ إجمالي العمليات المنفَّذة منذ عملية الإسناد لمعركة طوفان الأقصى 156، نُفِّذت بعدد 606 صاروخ باليستي ومجنَّح وطائرة مسيَّرة، تم خلالها استهداف 107 سفن تجارية وعسكرية مرتبطة بإسرائيل وأمريكا وبريطانيا”.

وأضاف: “كما تم إسقاط 3 طائرات استطلاع مسلح أمريكية، وقصف أهداف إسرائيلية في فلسطين نُفِّذَت بعدد 111 بين صاروخ باليستي ومجنَّح وطائرة مسيَّرة”.

ويأتي هذا الإعلان بعد سلسلة من الهجمات التي شنتها الجماعة على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، بدعوى التضامن مع قطاع غزة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يهددون فيها بالضرب في البحر المتوسط.

وفي هذا التقرير يستكشف “الصوت الجنوبي” إمكانيات وحقيقة قدرات الحوثيين الزائفة على الوصول إلى البحر المتوسط بعد أكاذيب البحر الأحمر.

الجانب العسكري
قال خبراء تحدثوا “للصوت الجنوبي” إن “ترسانة الحوثيين تشمل صواريخ باليستية يتراوح مداها بين 1600 و1900 كيلومتر، وطائرات بدون طيار إيرانية من طراز شاهد-136 يمكنها التحليق لمسافة تصل إلى 2000 كيلومتر، رغم ذلك لا يوجد لدى الحوثيون في الوقت الراهن المزيد منها”.

وقال خبراء من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في تقرير عام 2020 أن الطائرات الحوثية المسيرة تستخدم توجيه GPS وتحلق بشكل مستقل على نقاط مسار محددة مسبقًا باتجاه أهدافها، حسب “وكالة فرانس برس”.

ولفتت الوكالة إلى أنّه في عام 2022، أعلن الحوثيون أنهم استخدموا صاروخين كروز من طراز “قدس 2” لضرب منشآت النفط في العاصمة الإماراتية أبوظبي. وقطعت الصواريخ الموجهة بالطاقة أكثر من 1126 كيلومترا من شمال اليمن. كما استخدم الحوثيون صاروخ “قدس 2” في عام 2020 لضرب منشآت في السعودية.

وعلى الرغم من أنَّ الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية أدَّت إلى تدهور قدرات الحوثيين، إلا أنَّهم ما زالوا قادرين على استهداف السفن، حسب وكالة بلومبيرغ ومركز سوث24.

ولفتت بلومبيرغ في تقريرها إلى أنَّه وبينما بدأ الحوثيون بمهاجمة السفن البعيدة عن اليمن، إلا أنَّ جميع ضرباتهم الناجحة تقريبًا كانت على مسافات أقصر.

وقال خبراء جنوبيون: “نحن على يقين تام بأن هناك أطراف إقليمية ودولية تقف وراء هذه العمليات وتوفّر الصواريخ والمسيرات وغير ذلك، فيما يُترك المجال للحوثيين لتبني تلك العمليات فقط”.

وبشأن الردود الغربية لهجمات الحوثيين، يرى الخبراء أنَّها ما زالت حتَّى الآن وقائية وغير فاعلة، ويأخذها الغرب وأمريكا من الجانب الذي يحقق مصالحهم في الانتشار العسكري البحري في المياه الدافئة، وفي نقاط تمركز بحرية كان من الصعب عليهم تبرير التمركز فيها سابقا وقبل أن يوفر لهم الحوثيون هذه المبررات.

التأثيرات المتوقعة
ومنذ نوفمبر المنصرم، تشن مليشيا الحوثيين هجمات متكررة بطائرات مسيرة وصواريخ على السفن في مضيق باب المندب وخليج عدن، قبل أنّ توسّع المليشيا عملياتها لتشمل استهداف السفن الأمريكية والبريطانية، بعد أن كان الأمر مقتصرا على السفن المرتبطة بإسرائيل.

وأجبرت هذه الهجمات شركات الشحن على إعادة توجيه البضائع إلى رحلات أطول وأكثر تكلفة في جميع أنحاء جنوب إفريقيا وأثار مخاوف من أن الحرب الإسرائيلية على غزة قد تنتشر وتزعزع استقرار المنطقة.

وقالت بلومبيرغ في تقريرها إنَّ “المسؤولين التنفيذيين في مجال الشحن والشحن يعتقدون بشكل متزايد أن البحر الأحمر سيظل خطيرًا للغاية لعدة أشهر أخرى، إن لم يكن لبقية العام”.

وفي الوقت الراهن، تتزايد المخاوف من أن توسيع نطاق الهجمات الحوثية إلى البحر الأبيض المتوسط قد يؤدي إلى تصعيد كبير للتوترات في المنطقة، ويهدد بإشعال صراع أوسع نطاقاً مع تورط قوى إقليمية ودولية أخرى.

ويثير هذا التطور مخاوف من تعريض حركة الملاحة التجارية العالمية للخطر، وتهديد إمدادات الطاقة والتجارة الدولية عبر هذه الممرات المائية الحيوية.

ووفقاً لـ “إدارة معلومات الطاقة الأمريكية”، ارتفعت عمليات نقل النفط الخام المتجهة شمالاً عبر طريقين رئيسيين إلى البحر الأبيض المتوسط – قناة السويس وخط أنابيب سوميد في مصر – بأكثر من 60% خلال النصف الأول من العام 2023.

وقالت دراسة سابقة لمعهد واشنطن حول تأثير هجمات الحوثيين على التجارة الدولية في البحر الأحمر إن “هذه الهجمات أدت إلى تغيير كبير في مسارات السفن، حيث قامت بعض الشركات بتحويل سفنها بعيدًا عن المضيق الاستراتيجي باب المندب وقناة السويس، مما أسفر عن زيادة أوقات الرحلات وارتفاع تكاليف الشحن”.

وخلصت الدراسة إلى أن الهجمات كان لها تأثير كبير على التجارة الدولية، حيث قامت بعض الشركات بتحويل سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر وقناة السويس، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف وإطالة أوقات الرحلات للشركات الملاحية، وقد يكون لذلك عواقب طويلة الأمد على الاقتصاد العالمي.

أين تقف إيران
لفتت بلومبيرغ في تقريرها إلى أنَّ الحوثيين يتلقون تدريباً عسكرياً ودعماً استخباراتياً من إيران، وهو أمر بالغ الأهمية عند استهداف الأجسام المتحركة مثل السفن.

واتهمت كل من السعودية والولايات المتحدة إيران مرارًا وتكرارًا بتزويد الحوثيين بالطائرات المسيرة والصواريخ والأسلحة الأخرى، وهو ما تنفيه طهران. فيما يقول الحوثيون إنهم يصنعون طائراتهم المسيرة محليًا، على الرغم من أن المحللين يقولون إنها تحتوي على مكونات إيرانية مهربة.

يتفق الخبراء مع هذا الطرح. وقالوا: “نستطيع القول وبكل ثقة إنَّ هناك دور إيراني مباشر في هذه العمليات لا يتوقف عند الدعم المعلوماتي والاستخباراتي الذي تمثله غرفة عمليات بهشاد، بل يتجاوزه الى إدارة وتشغيل هذه العمليات بكل ما جوانبها”.

وأضافوا: “من يعرف مكونات وتعقيدات الصواريخ الباليستية منها والمجنحة، وكذلك تعقيدات ومكونات منصات إطلاقها وما تتطلبه عمليات الإطلاق من تأهيل علمي وتدريب عملي، يعرف جيداً أنَّ جماعة الحوثي بكل ميليشياتها لا تشترك سوى في حراسة منصات الإطلاق والتصوير وتأمين تحركات طواقم العمل الأجنبية في مسارح الاطلاق، واختتاما بقراءة بيان العمليات عبر ناطقها العسكري”.