الصوت الجنوبي – تقرير خاص
مع حلول فصل الصيف، يشتد حرّ الشمس على سواحل حضرموت، وتبدأ معاناة الأهالي مع انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، مما يُضاعف من صعوبة الحياة في هذه المنطقة الساحلية التي تُعرف بجمالها وهدوئها.

ويجد سكان المنطقة أنفسهم محاصرين بين تحديين شديدي التناقض. فمن ناحية، أشعة الشمس الحارقة تكاد تشوي أجسادهم وتشعرهم بالاختناق، ومن ناحية أخرى، يعانون من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، مما يحرمهم من الحصول على البرودة اللازمة في ظل هذه الحرارة الشديدة.

ويشكو سكان المنطقة من أن الحكومة لم تبذل الجهود الكافية لمعالجة هذه المشكلة، مما جعلهم يشعرون بالإهمال والإحباط. وينادون بضرورة إيجاد حلول عاجلة لتوفير الكهرباء المستمرة والتخفيف من وطأة حرارة الصيف.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، يظل سكان ساحل حضرموت مطالبين بحقهم في العيش بكرامة وراحة خلال فصل الصيف، بعيدًا عن سندان الحرارة والمطرقة المتمثلة بانقطاع الكهرباء.

يقول محمد علي المحمدي، أحد سكان حي فوة “للصوت الجنوبي”: “الصيف هنا يشكل معركة حقيقية للبقاء. ففي النهار، نعاني من وهج الشمس اللاذع والذي يجعل الخروج من المنزل شبه مستحيل. وفي الليل، نصارع من أجل الحصول على قليل من الراحة مع انقطاع الكهرباء المتكرر”.

ويضيف سالم باضلاع، مواطن آخر “للصوت الجنوبي”: “لا نستطيع الاستمتاع بأي نشاطات عائلية أو اجتماعية خلال فصل الصيف. فالحرارة الشديدة تجبرنا على البقاء في المنازل طوال اليوم، وانقطاع التيار الكهربائي يحرمنا من التبريد الأساسي الذي نحتاجه”.

رغم ذلك تشكل التقلبات الجوية في حضرموت بشكل عام المعضلة الأكبر فهي واحدة من بين أشد المناطق حرارة على الإطلاق.

نجوم السنة الحضرمية
تختلف أسماء نجوم فصول السنة التي يعرفها ويتداولها الكثيرين حيثُ إنهُا قد تكون بعض أسماء النجوم مشابهه تماماً لما هو متعارف عليه إقليمياً أو عالمياً، ولكن في حضرموت تتقلب الأحوال الجوية حسب موعد النجم من الفصل ذاته.

ومن المتعارف أن فصول السنة الأربعة كل فصل منها يمتاز بطبيعة تختلف عن الفصل الأخر؛ أي أن فصل الصيف مثلاً يمتاز بالحرارة الشديدة نسبياً، وكل ميزة من مميزات الفصل تنعكس تماماً على نوعية النبات الذي تتم زراعته مثلاً؛ زراعة الطماطم “البندورة” أو “الكاكا” تزدهر خلال فصل الصيف وتضمر خلال الفصول الأخرى.

وتعتمد الكثير من المهن في محافظة حضرموت عموماً على النجوم لتحديد مواسم الزراعة والحصاد وللمهن الزراعية وكذلك للمهن البحرية، وتعتبر النجوم وتواريخها من أقدم الموروثات في المحافظة لما لها من أهمية في حياة الناس ومتابعتهم للأحوال الجوية منذ مئات السنين وقبل اختراع المراصد الفلكية وأجهزة الرصد الحديثة لرصد تقلبات الطقس ومواسمه المختلفة لركوب البحر.

ومن المتعارف عليه أيضاً أن مدة كل نجم هي 13 يوماً منذ ولادة الموسم إلى دخول نجم آخر، وإليكم تواريخ بداية ونهاية النجوم مع ذكر بعض مميزات نجوم فصلي الربيع والصيف خصوصاً، وهي مرتبة حسب التواريخ والأسماء، يذكرها “الصوت الجنوبي” فيما يلي:

أولاً: فصل الربيع

1. 1 يناير – نجم الهنعة، وهي خمسة نجوم منها نجمان مضيئان بينهما قيد سوط وتسميه العرب الجوزاء الثانية، وفي نجم الهنعة يشتد البرد في وادي حضرموت، ومن النادر سقوط الأمطار في هذا النجم.
2. 14 يناير – نجم الذراع، وهو ذراع الأسد المقبوضة وهما نجمان نيران بينهما قيد سوط، وفيه يزيد النهار نصف دقيقة.
3. 27 يناير – نجم النثرة، وهما نجمان خفيان بينهما شبه سحابه من النجوم الشامية يستمر النهار في الزيادة بمعدل نصف دقيقة وفي هذا النجم يبدأ ظهور الطلع في النخيل بوادي حضرموت.
4. 9 فبراير – نجم الطرف، وهو طرف الأسد وهما نجمان أحدهما نيّر وغالباً ما يشتد وطأت البرد في حضرموت في النجوم الثلاثة الماضية ويزيد النهار فيه بمعدل دقيقة واحدة في اليوم.
5. 22 فبراير – نجم الجبهة، وهو جبهة الأسد وهو أربعة نجوم شامية بين كل كوكبين في شوف العين مقدار سوط، ويزيد فيها النهار بمعدل دقيقة واحدة في اليوم، ونجم الجبهة من النجوم الشحيحة بالمطر وينفذ مخزون الزاد والأكل من عند الناس عقب البرد القارس وتنهك جمال السناوة من موسم العمل وقلة العلف والرعي، وفي نجم الجبهة يبدأ حصاد القمح “البر”.
6. 7 مارس – نجم الزبرة، وزفرة الأسد أي كاهله وهمانجمان مضيئان شاميان بينهما مقدار سوط، ويزيد النهار بمعدل دقيقة واحدة في اليوم، وفي ثامن يوم فيه يتساوى الليل والنهار في حضرموت، وعقب ذلك يبدأ النهار في بالزيادة والليل في النقصان.
7. 20 مارس – نجم الصرفة، وهو نجم واحد مضيء حوله نجوم صغار طمس، وهو من النجوم الشامية وفيه يزيد النهار بمعدل دقيقة واحدة لليوم الواحد، وفي الثاني من نجم الصرفة يبدأ فصل الصيف في حضرموت وهو يصادف 21مارس أما عند العرب في حسابهم هو بداية فصل الربيع.

ثانياً: فصل الصيف

1. 2 أبريل – نجم العواء، وهي خمسة نجوم على شكل حرف L مقلوبة وهي من النجوم الشامية، والعوا وهو نجم الخير حيث إن احتمال سقوط الأمطار فيه واردة، ومع بداية دخوله يردد الناس القول المأثور “الصيف جنه والشتاء جهنم”، وفي هذا النجم يزداد النهار بمعدل دقيقة واحدة تقريباً كل يوم.
2. 15 أبريل – نجم السماك، وهو هو نجم واحد أزهر يقال له الأعزل وهو آخر النجوم الشامية، وغالباً ما تنزل فيه الأمطار الغزيرة وتدفق السيول الهميمة ويردد العامة في حضرموت الاتي:

إن فاتك العواففي السماكي ** ماتسمع الداعي من المناكي
تسمع هبوب الرياح عواكي ** والناس منهم معترف وشاكي

ويستمرالنهار فيه بالزيادة بمعدل دقيقة إلا ربع في اليوم الواحد، وفيه تبدأ دباسة العسل لجنوة “السمر”؛ وهي شجرة صيفية تتحمل أشد درجات حرارة فصل الصيف، ويستمر ذلك حتى نهاية نجم الغفر.

3. 28 أبريل – نجم الغفر، وهو ثلاثة نجوم طمس، وهو أول النجوم اليمانية يستمر النهار في الزيادة بمعدل نصف دقيقة تقريباً لليوم الواحد، ويقال فيه المأثور الحضرمي التالي: “الغفر.. إن سال سال سيل الكفر..”.
4. 11 مايو – نجم الزبان، وهما نجمان مفترقان مضيئان من النجوم اليمانية وهما زبانيا العقرب؛ أي قرناه، وفيه يزيد النهار بمعدل نصف دقيقة تقريباً لليوم الواحد، ويكثر فيه ظهور السحب المرعدة “العاصفة” ولكن ما إن تلبث حتى تنقشع دون مطر أو سيل يذكر، ولهذا يشبه شاعر الحكمة “بوعامر” قبائل حضرموت بقوله:

يقول بوعامر قبائلنا كمانو الزبان ** يرعد ويبرق ما يروي منه عطشان

5. 24 مايو – نجم الإكليل، وهو أكليل العقرب أي رأسها، وهو ثلاثة كواكب مصطفة معترضة من النجوم اليمانية، وفي هذا النجوم يبدأ اشتداد الحر في حضرموت وتهب الرياح والعواصف الترابية متقلبة الإتجاه وتبدأ فيه رياح السموم الحارة، ويستمر النهار في الزيادة بمعدل ثلث دقيقة في اليوم الواحد تقريباً.
6. 6 يونيو – نجم القلب، وهو قلب العقرب، وهو الكوكب الأحمر وراء الإكليل بين كوكبين يقال لهما النياط، وفيه يبدأ انقلاب لون البسر في النخل نحو الاستواء والنضج، وهو أيضاً من نجوم القيض في حضرموت تستمر شدة رياح السموم الحارة والغبار والأعاصير المحلية..
   وفيه يستمر النهار في الزيادة بمعدل ربع دقيقة في اليوم الواحد وآخر يوم فيه من أطول أيام السنة في حضرموت، ويقال فيه المأثور الحضرمي التالي: “القلب يقلب الخضراء غبراء والسحاب من حدرا”؛ حدرا أي أسفل وادي حضرموت.
7. 19 يونيو – نجم الشول، وهما كوكبان متقاربان وسمي بالشول من قول العرب شالت الناقة بذيلها إذا رفعته، وفيه يشتد وطأ حر الصيف في حضرموت وتزداد رياح السموم الملتهبة، وأيامه من أطول أيام السنة تبلغ ساعات اليوم الواحد فيه 13 ساعة و 5 دقائق تقريباً، وتكثر فيه الغيوم واليوم الثالث منه آخر أيام فصل الصيف، ويبدأ بعده فصل الخريف في حضرموت في الرابع من نجم الشول، ويقال فيه المأثور التالي:

لا هبت العليا بسبع في الشول ** معاد يبرح على الحويلي العول

العليا: نسمات الصبا من الجنوب.
يبرح: يهبط.
الحويلي: الحول هي قطعة الأرض المزروعة.
العول: طير من جنس الحمام.

وفي هذا النجم يتم حصاد موسم الصيف “الذرة الصيفية” في حضرموت.

ثالثاً: فصل الخريف

1. 2 يوليو – نجم النعايم.
2. 15 يوليو – نجم البلدة، ويميز هذا النجم وهو أن بحر حضرموت تحدياً مياه البحر المطلة على سواحل مدينة المكلا وضواحيها، تمتاز بالبرودة النوعية الفريدة جراء انفصال بعض الكتل الجليدية المتواجدة عند القطبين الشمالي والجنوبي وتتجه اتجاه هذه السواحل المتميزة بسخونة مياهها النوعية، وذلك بسبب الهوامل الطبيعية التي تحدث في تيارات المياه؛ لا يسعنا ذكرها في هذا الموجز.
3. 28 يوليو – نجم المرزم، خلال هذا النجم يتم جمع التمور ووضعها في أكياس خاصة لحفظها وتسويقها.
4. 10 أغسطس – نجم سهيل.
5. 23 أغسطس – نجم باعريق، يمتاز هذا النجم بشدة حرارته العالية المتميزة بتعرق السكان الشديد، وهذا يكون واضحاً في ساحل حضرموت خصوصاً لأنه في الساحل خلال هذا النجم يكون الجو اكثر رطوبة.
6. 5 سبتمبر – نجم خبا.
7. 18 سبتمبر – نجم الفرغ، وهذا النجم يعتدل فيه الجو نسبياً تمهيداً لقدوم فصل الشتاء.

رابعاً: فصل الشتاء

1. 1 أكتوبر – نجم الدلو.
2. 14 أكتوبر – نجم الحوت، في هذا النجم تنخفض درجات الحرارة تدريجياً، حيثُ إنهُ قد تكون ذروة فصل الشتاء هي خلال هذا النجم.
3. 27 أكتوبر – نجم النطح.
4. 9 نوفمبر – نجم البطين.
5. 22 نوفمبر – نجم الثريا.
6. 5 ديسمبر – نجم البركان.
7. 18 ديسمبر – نجم الهقعة.

هذه التسميات قد تكون مشابهه تماماً أو متقاربة جداً من التسميات المتداولة للنجوم، وخلال هذا التقرير قدم “الصوت الجنوبي” جزءاً مختصراً للتسميات الذي يطلقها الحضارم على نجوم فصول السنة الأربعة مع ذكر جزءاً يسيراً للخصائص المهمة التي تحدث للبيئة والعوامل الطبيعية في حضرموت.