الصوت الجنوبي _ تقرير خــاص

أكثر من نصف عام ومازالت حضرموت تعيش في صراع محتدم ما بين محافظ المحافظة مبخوت بن ماضي، الوكيل الأول عمرو بن حبريش، الذي يشغل أيضًا منصبي رئيس حلف قبائل حضرموت والمؤتمر الجامع، دون أي حلول فعلية من قبل مجلس القيادة الرئاسي لإنهاء هذه الأزمة التي أثرت بشكل مباشر على المواطنين.

واليوم ونحن على بعد أقل من أسبوعين على دخول شهر رمضان المبارك، تشهد حضرموت أزمات متعددة في الكهرباء وغيرها، وارتفاع في الأسعار نتيجة لانهيار العملة المحلية، وكذا ارتفاع في المشتقات النفطية، مما يضاعف معاناة المواطنين ويزيد من حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق أرباب الأسر ويصعب عليهم تحملها.

هذه الأزمة والصراع المحتدم القائم ما بين بن ماضي وبن حبريش، أثرت أيضًا على مكانة ودور قوات النخبة الحضرمية، التي تتمتع بمكانة محلية وأقليمية ودولية، منذُ العام 2016 بعد دحر عناصر الإرهاب وأحكام سيطرتها على مديريات ساحل حضرموت، وأظهارها بموقف العجز الذي لا يليق بمكانتها ودورها الكبير.

صراع النفوذ

في الـ 29 من يوليو العام الماضي، وبعد وصول العليمي إلى المكلا عاصمة حضرموت بيومين، غادر الشيخ بن حبريش المكلا متجهاً إلى هضبة حضرموت، التي عقد فيها بعد وصوله بيومين لقاء استثنائي بقيادات حلف قبائل حضرموت، وخرج بعدد من القرارات، منها أن على رئيس مجلس القيادة الرئاسي الإعتراف بحق حضرموت وتفعيل دور الشراكة أسوة بالأطراف المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد، ومنع تصدير النفط، وغيرها من القرارات، واعطاء مهلة 48 ساعة لتنفيذ مطالبهم وإلا سيسيطروا على الأرض والثروة.

المحلل السياسي محمد العمودي، اعتبر: ”ما تشهده محافظة حضرموت من أزمة تعود إلى صراع النفوذ والمال وتقاسم الحصص غير العادلة بين محافظ المحافظة مبخوت بن ماضي ووكيلها الأول عمرو بن حبريش، الذي أعتبر أن الأول استحوذ على المناصب والمخصصات المالية لشخصه وفضل عدم اشراكه في ذلك، إضافة إلى مضايقته في التجارة الخاصة به في المحافظة“.

ويرى العمودي، خلال حديثه الخـاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ ”حل الأزمة التي مازالت إلى اليوم قائمة منذُ قرابة الـ 7 أشهر في حضرموت، تكمن في الإطاحة بقطبي الصراع وهم محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي، والوكيل الأول لحضرموت عمرو بن حبريش، اللذان تسببا في هذه الأزمة في المحافظة وإدخال مديريات ساحل حضرموت في فوضى وأزمات متعددة، في الوقت الذي يفترض عليهم الحفاظ على الأمن والاستقرار وتوفير المطالب الأساسية والخدمات للمواطنين“.

وأكد العمودي، على أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، هو من يغذي الصراع القائم في حضرموت، وذلك لإطالة أمد الأزمة في المحافظة، دون تقديم أي حلول حقيقية وفعلية تنهي الأزمة التي أثرت على المواطنين وحالت بين تقديم الخدمات الأساسية ومعالجة العديد من الملفات الخدمية والاتجاه نحو التنمية.

استهداف النخبة

في الـ 25 من ديسمبر للعام الماضي، أصدر رئيس حلف قبائل حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش العليي، القرار رقم (3) لعام 2024، بتشكيل قوات حماية حضرموت وتعيين اللواء مبارك أحمد العوبثاني قائداً لهذه القوات.

وفي رفض سريع لهذه القوات، عقدت اللجنة الأمنية بحضرموت، في الـ 26 من ديسمبر الماضي، اجتماعًا استثنائيًا وقفت خلاله على الحالة الأمنية بالمحافظة، برئاسة محافظ حضرموت رئيس اللجنة الأمنية مبخوت بن ماضي، وحضور قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء الركن طالب بارجاش، أكدت خلاله رفض أي دعوات للتجنيد خارج المؤسسات الأمنية والعسكرية.

ويرى العقيد سعيد باوزير، أن الهدف من هذا السيناريو هو تفكيك قوات النخبة الحضرمية، التي حاولت قوى الشمال خلال السنوات الماضية تصنيفها على أنها قوات غير نظامية لكنها فشلت في تلك المهمة، والآن يجري مخطط آخر لضربها بقوات قبلية من حضرموت.

وبيّن العقيد باوزير، في حديثه الخاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ ”انتشار النقاط العسكرية القبلية شرق مدينة المكلا عاصمة حضرموت وغربها؛ يعتبر مؤشر خطير جدًا فهناك جهات أقليمية ودولية تراقب المشهد العام في حضرموت، ووجد قوات غير نظامية تنازع قوات النخبة الحضرمية في عملها ومهامها في فرض الأمن والاستقرار يعطي رسائل عديدة للخارج“.

حرف المسار

لسنوات طويلة استمر أبناء محافظة حضرموت في نضالهم السلمي ضد الاحتلال في وادي حضرموت، والمطالبة بخروج قوات المنطقة العسكرية الأولى، ولم يتنازلوا يومًا عن تلك المطالب وما استطاع المحتل اسكات تلك الصرخات والهتافات التي تنادي برحيله.

وبعد العام 2016 وسيطرة قوات النخبة الحضرمية على مديريات ساحل حضرموت، اعتلت الأصوات أكثر للمطالبة برحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، واحلال بدلًا عنها قوات النخبة الحضرمية التي أثبتت جدارتها في فرض الأمن والاستقرار في مديريات الساحل، واستطاعات هزيمة التنظيمات الإرهابية، ونتيجة لقربها من المواطنين.

وبسبب الضغوطات المستمرة في كافة مديريات وادي حضرموت الرافضة للمحتل، دأبت قوى الاحتلال اليمني وبمساندة أقليمية بالإيعاز لبعض أدواتها بتفجير الوضع السياسي والعسكري في مديريات ساحل حضرموت، ونقل الصراع من الوادي لتخفيف الضغط عليه، وإغراق ساحل حضرموت في صراع مستمر، ومحاولة تدمير قوات النخبة الحضرمية.

ويرى المحلل السياسي محمد العمودي، إنَّ : ”قوات الاحتلال اليمني وبمساندة بعض الدول الأقليمية، استطاعات تهدئة الأوضاع السياسية والعسكرية في وادي حضرموت، ونقل الصراع إلى ساحل حضرموت، الذي كان يعتبر نموذج للأمن والاستقرار، مما شكل ضغط على الجهات المسيطرة على وادي حضرموت، بضرورة نقل تجربة مديريات الساحل وإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من كافة مديريات وادي حضرموت، وهو ما لا تريده نتيجة لحسابات سياسية متعددة“.