الخميس, مارس 20, 2025
الصوت الجنوبي – تقرير خاص تظل الأزمة الإنسانية في البلاد مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتعقيدات السياسية، إذ تُعتبر المساعدات الدولية شريان حياة لملايين الأشخاص، بالإضافة إلى كونها أداة استراتيجية تستفيد منها الأطراف المختلفة، بما فيها مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني المتطرف. وتعكس التدابير الأخيرة التي اتخذتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة، مثل تعليق التمويل ووقف..." />
الصوت الجنوبي – تقرير خاص
تظل الأزمة الإنسانية في البلاد مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتعقيدات السياسية، إذ تُعتبر المساعدات الدولية شريان حياة لملايين الأشخاص، بالإضافة إلى كونها أداة استراتيجية تستفيد منها الأطراف المختلفة، بما فيها مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني المتطرف.
وتعكس التدابير الأخيرة التي اتخذتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة، مثل تعليق التمويل ووقف العمليات وإعادة تصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية في 22 يناير الماضي، تحولًا جذريًا في السياسة الإنسانية. تثير هذه التطورات تساؤلات حيوية حول استدامة عمليات الإغاثة وآثارها المحتملة على الاستقرار الإقليمي.
ويبرز تداخل المناورات الجيوسياسية وسياسات مكافحة الإرهاب مع الضرورات الإنسانية أهمية الحفاظ على توازن دقيق بين الاستراتيجية الدبلوماسية وجهود الإغاثة العاجلة. يتناول هذا التقرير المشهد المتغير للمساعدات الإنسانية في البلاد، وتأثير القيود الدولية، والخيارات المتاحة للتخفيف من حدة الأزمة دون تفاقم التوترات السياسية.
ويناقش “الصوت الجنوبي” في هذا التقرير سياسة ميليشيات الحوثي الإرهابية المتطرفة التي حرمت الملايين من المعونات الإنسانية في البلاد؟
نهج إدارة ترامب
مع عودة إدارة ترامب إلى البيت الأبيض، أطلقت سلسلة من الأوامر التنفيذية التي أعادت صياغة سياسات المساعدات الخارجية الأمريكية.
أحد أكثر التحركات جدلاً كان تعليق المنح التي تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مما أثر سلبًا على برامج حيوية كبرنامج “الغذاء من أجل السلام”، الذي يخصص سنويًا ملياري دولار لمساعدة المناطق المتأثرة بالصراعات، بما في ذلك بلادنا.
في تصريحات صحفية، تابعها “الصوت الجنوبي” يقول البروفيسور ديفيد ويرينغ، المتخصص في العلاقات الدولية بجامعة ساسكس، إن هذه الخطوات تعكس توجهًا يفضل السياسة على الاعتبارات الإنسانية. ويضيف: “الإجراءات التي قد تتخذها وزارة الخزانة الأمريكية، مثل فرض عقوبات جديدة أو إعادة تصنيف الجماعات، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على استمرارية تدفق المساعدات الإنسانية، مما يثير تساؤلات حول كيفية تحقيق التوازن بين الأهداف السياسية والاحتياجات الإنسانية”.
وفيما يتعلق بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، حسب سوث24، يشير ويرينغ إلى أن “الإدارة الأمريكية الحالية لا تبدو معنية بتخفيف الأثر الإنساني الناتج عن هذه الخطوة، وقد تكون هذه محاولة متعمدة لزيادة معاناة السكان كوسيلة لكسب النفوذ على الحوثيين”.
ويعتبر هذا الأمر تحديًا كبيرًا للأخلاقيات الإنسانية، حيث يجب أن تأتي احتياجات المدنيين في مقدمة الأولويات، بغض النظر عن الصراعات السياسية.
وحذرت د. إميلي سكوت، الخبيرة الأمريكية في الشؤون الإنسانية، من أن هذا التصنيف قد يعطل الشراكات القائمة بين منظمات الإغاثة والجهات الفاعلة المحلية. وأوضحت أن “هذا التأثير ذو شقين: فهو يقيد القنوات المالية لإيصال المساعدات ويدفع الوكالات الدولية إلى التراجع عن الانخراط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، مما يعمق الأزمة”.
وأضافت أن هذا القرار قد يؤدي إلى تشديد الرقابة على الشركاء السابقين لوكالة التنمية الدولية الأمريكية، الذين تعاونوا مع كيانات الحوثيين أو لم يدينوا تصرفاتهم.
أشارت سكوت إلى أن تخفيف المخاطر من قبل الوكالة يتطلب تحققًا دقيقًا من الشركاء ومراقبة الأطراف الثالثة، وهو ما يحتاج إلى إشراف كبير من الكونغرس. وأوضحت أن وقف التمويل يعني أيضًا إنهاء هذا الإشراف الحيوي.
من جهة أخرى، قلل الباحث الاقتصادي د. إيهاب القرشي في تصريحات تابعها “الصوت الجنوبي” من التداعيات الإنسانية لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية. وقال: “هذا القرار لا يشمل سلاسل الإمداد للمواد الغذائية والصحية والوقود، بل يركز على قيود السفر وتجميد الأصول للأفراد المنتمين للحوثيين. هذه الإجراءات قد تكون فعالة رغم المخاطر المحتملة على المصلحة العامة”.
وأوضح القرشي أن الوضع في بلادنا شهد تغييرات كبيرة، حيث لم تعد هناك منظمات تتعامل مع الحوثيين بنفس الطريقة السابقة. وأشار إلى أن تراجع التمويل ووقف أنشطة برنامج الغذاء العالمي في مناطق سيطرة الحوثيين قد أثر بشكل كبير حتى قبل القرار الأمريكي.
وأكد أن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية قد يفتح آفاقًا جديدة للعمل الإغاثي والتنموي بعيدًا عن ارتباطه بالجماعة. وعبر عن تفاؤله بإعادة هيكلة الهيئة العليا للإغاثة، مشددًا على أنها ستكون لها تأثيرات إيجابية إذا تم تنظيمها بشكل جيد.
وأضاف: “هذا التصنيف سيمكن من توجيه المساعدات عبر قنوات واضحة، بحيث لا تصل إلى الحوثيين الذين حولوا المساعدات إلى أدوات للسيطرة والقتال”.
ويعتقد القرشي أن المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، التي تعاني أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ستستفيد من قرار التصنيف، مما قد يزيد الضغط الشعبي في مناطق سيطرة الحوثيين. وخلص إلى أن “هذه هي التوقعات المنطقية لتطبيق القرار”.
خطوات الأمم المتحدة
في 24 يناير 2025، أعلنت الأمم المتحدة تعليق جميع الأنشطة الرسمية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك عقب اختطاف الميليشيا لعدد من موظفيها، مما يعكس المخاوف المتزايدة بشأن سلامة العاملين الدوليين في المنطقة.
وأصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، توجيهات بوقف جميع عمليات الأمم المتحدة في صعدة، معقل الحوثيين، بعد احتجاز المزيد من الموظفين، بما في ذلك حالة وفاة لأحدهم في سجون الحوثيين.
وأكدت الأمم المتحدة في بيانها على ضرورة “الموازنة بين استمرارية العمليات الإنسانية وسلامة الموظفين، مع دعوة الحوثيين للإفراج عن جميع المحتجزين”.
وبينما تثير هذه التطورات قلقًا حول العمل الإنساني في البلاد، قال مراقبون “للصوت الجنوبي”، أنها تمثل فرصة مهمة لإعادة تقييم جهود الإغاثة والمساعدات في البلاد. حيث أشار بلفقيه إلى أن “وجود المكاتب الرئيسية في مناطق الحوثيين يعوق العمل الإنساني، مما يعيق الوصول للمحتاجين”.
من جانبه، تطرق منسق اللجنة الحكومية للإغاثة جمال بلفقيه إلى قرار الخزانة الأمريكية في عام 2021 بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، مشيرًا إلى أن الحكومة كانت مستعدة لاستقبال المنظمات الدولية في عدن، لكن القرار قد تم تعليقه بعد تولي الرئيس بايدن، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
وكشف بلفقيه عن نية الحكومة لاستعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، مما قد يؤدي إلى نقل مكاتب المنظمات الدولية إلى عدن، بما في ذلك مكتب الشؤون الإنسانية، ونقل أموال المنظمات إلى البنك المركزي في عدن لتعزيز العمل الإنساني.
وأبرز بلفقيه أهمية تطبيق مبدأ اللامركزية في العمل الإنساني، واستغلال الممرات البرية والبحرية لتسهيل تدفق المساعدات، مشددًا على ضرورة إعادة تشكيل الهيئة العليا للإغاثة لتعزيز التنسيق ورصد الاحتياجات بشكل أفضل.
وأشار إلى أن الأموال التي ستصل إلى البنك المركزي في عدن ستساهم في تعزيز الاقتصاد، مع العلم أن عدن قد قدمت مشروعًا مع برنامج الغذاء العالمي لبناء مخازن وميناء خاص لاستقبال المساعدات.
ودعا بلفقيه المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة الشرعية لتعزيز دور المؤسسات، وتحسين مسار العمل الإنساني، وربطه بالتنمية لمساعدة المجتمعات الضعيفة في مواجهة الفقر.
تجدر الإشارة إلى أن الأمر التنفيذي الصادر في 22 يناير الماضي يتطلب من وزير الخارجية الأمريكي، بالتشاور مع مدير الاستخبارات الوطنية ووزير الخزانة، تقديم تقرير للرئيس خلال 30 يومًا حول تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.
وفي غضون 15 يومًا من تقديم التقرير، سيتخذ وزير الخارجية الإجراءات اللازمة لإتمام التصنيف. كما يتضمن القرار مراجعة الشركاء الدوليين والمنظمات غير الحكومية المتعاملة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لتحديد أي جهات قدمت تمويلًا أو تعاونت مع الحوثيين بشكل غير قانوني.
مارس 20, 2025
مارس 20, 2025
مارس 20, 2025
مارس 20, 2025