الصوت الجنوبي – تقرير خاص

في خضم مشهد سياسي وإعلامي معقد، تبرز قناة “عدن المستقلة” كفاعل رئيسي في الساحة الإعلامية الجنوبية، مُشكلةً، بحسب مراقبين، منصة محورية في التعبير عن تطلعات قطاع واسع من الجنوبيين ومواجهة ما يصفونها بـ”الحملات الإعلامية المعادية”.

ويرى المراقبون أن القناة، التي انطلقت كجزء من رؤية أوسع لإعادة بناء المؤسسات الجنوبية، قد تجاوزت دورها الإعلامي التقليدي لتصبح رمزاً للصمود وأداة فعالة في “معركة الوعي” الدائرة.

التأسيس

يعود تأسيس القناة، إلى جانب مؤسسات إعلامية جنوبية أخرى مثل إذاعة “هنا عدن” و”الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي”، إلى التعهدات التي أطلقها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي بإعادة بناء المؤسسات التي يُنظر إليها في الجنوب على أنها تضررت أو هُمشت خلال العقود الماضية.

وفي هذا السياق، يُنظر إلى “عدن المستقلة” كإنجاز مؤسسي يهدف إلى تقديم صوت جنوبي مستقل، قادر على خوض غمار المنافسة الإعلامية الإقليمية والمحلية.

ويؤكد المراقبون على أن “عدن المستقلة” حملت على عاتقها، منذ انطلاقتها، مسؤولية التصدي لكل ما يهدف إلى تقويض المشروع السياسي الجنوبي. ويشيرون إلى أن القناة، رغم ما يصفونها بـ”إمكانياتها المتواضعة” مقارنة بمنافسيها، تمكنت من تحقيق حضور لافت، ودحض ما تعتبره “افتراءات وأكاذيب” تُبث عبر منصات إعلامية أخرى تابعة لخصوم سياسيين، بما في ذلك تلك المرتبطة بجماعة الحوثي وتيارات إسلامية سياسية أخرى.

وفي تعليقه على هذا الدور، يقول الصحفي الجنوبي باسم سعد “للصوت الجنوبي”: “إن قناة عدن المستقلة لم تكن مجرد إضافة رقمية إلى قائمة القنوات الفضائية، بل مثلت ضرورة استراتيجية في مرحلة مفصلية من تاريخ الجنوب”.

مضيفا: “لقد استطاعت أن تخلق مساحة للرواية الجنوبية الخاصة، وأن تقدمها بمهنية لافتة رغم شراسة الهجمات الإعلامية المضادة”. ولفت سعد قائلا: “نحن نتحدث عن بيئة إعلامية شديدة الاستقطاب، ونجاح القناة في تثبيت أقدامها يُعد مؤشراً على وعي القائمين عليها بأهمية الكلمة والصورة في تشكيل الرأي العام والدفاع عن القضايا الوطنية”.

ويرى الصحفي الجنوبي باسم سعد أن الجنوب يواجه “أقذر حرب إعلامية في تاريخه”، حيث تُسخر إمكانيات مادية كبيرة لتشويه صورة المجلس الانتقالي النوبي وقياداته ومشروعه السياسي.

وعبر الصحفي الجنوبي عدنان المشجري عن أسفه لانخراط بعض الإعلاميين والكتاب الجنوبيين في هذه الحملات، مستغلين ما يعتبرونه “هامش الحرية الصحفية” الذي أتاحه المجلس الانتقالي في المناطق التي يديرها.

ورغم هذه التحديات، يؤكد المشجري أن “عدن المستقلة”، بقيادة مديرها عبدالرحمن شيخ، الذي يتعرض هو الآخر لحملات تشويه، استطاعت أن تحجز مكانة متقدمة، وأن تتصدى لهذه الهجمات التي يقولون إنها “ممولة محلياً وخارجياً”.

دعم جنوبي

وقد شهدت منصات التواصل الاجتماعي، خاصة منصة “إكس”، تفاعلاً واسعاً من كتاب وسياسيين جنوبيين أشادوا بدور “عدن المستقلة”. وعبّرت تغريدات متفرقة عن دعم للقناة، معتبرة إياها “صوت كل جنوبي حر” و”صوت من لا صوت له”، ومؤكدة أن “العمل الناجح دائماً ما يتعرض لمثل هذه الحرب من أعداء النجاح”.

ويرى هؤلاء أن القناة ستبقى “سيفاً ذا حدين” على رقاب من يحاول المساس بالجنوب، و”شوكة حادة في نحور أعداء الشعب”، حسب تعبيرهم.

في هذا الإطار، قال عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، يحيى غالب، بأن الحديث عن “قناة عدن المستقلة” هو “حديث عن صوت شعب وقضية وطن وهوية”.

وأضاف غالب في منشور له تابعه محرر “الصوت الجنوبي”: “استطاعت القناة بطاقمها الوطني أن تشق طريقها في زحام التعقيدات لتضع لنفسها مكانة في صدارة التاريخ الجنوبي”.

وتطرق غالب إلى المجالات التي غطتها القناة، من جبهات القتال وبرنامج “صباح الخير يا عدن”، إلى نقل شعائر الحج ومباريات كرة القدم، وتغطية فعاليات تأبين الشهداء، وإحياء التراث والفن الجنوبي، وصولاً إلى البرامج السياسية التي تتصدى لما يعتبره “هجوماً إعلامياً”.

ووجه غالب رسالة لطاقم القناة قائلاً: “سيروا يكفيكم ثقة الرئيس عيدروس الزُبيدي وشعب الجنوب، سيروا وعين الله ترعاكم”.

من جانبه، يعتبر الكاتب السياسي فضل بن نعم الحيدري أن “عدن المستقلة” تواجه “حملات إعلامية مغرضة ومنظمة” تقودها أطراف مرتبطة بالصراع السياسي في الجنوب. ويشير الحيدري إلى أن هذه الحملات اتخذت مؤخراً “طابعاً عدائياً صريحاً” يهدف إلى النيل من مصداقية القناة وتشويه رسالتها التي، حسب رأيه، نجحت في إيصال صوت الجنوب وقضاياه إلى الداخل والخارج.

ولمواجهة ما يعتبرونها “هجمة مغرضة” على قناة عدن المستقلة، أطلق ناشطون وصحفيون جنوبيون حملات مساندة على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن القناة تمثل “صوت الجنوب الصلب” و”صوت الحق الجنوبي”.

وتهدف مثل هذه الحملات إلى كشف “الخلايا التي تحاول التقليل من حجم ومكانة القناة” و”الجهات التي تقف خلفها وأهدافها”.

ويشدد هؤلاء على دور “عدن المستقلة” كصوت رسمي وموثوق لقضية الجنوب، مشيرين إلى مساهمتها في تغطية الأحداث بدقة واحترافية وشفافية، وفي التعامل مع “الأخبار والشائعات”.

ويؤكد هؤلاء الناشطون أن القناة حققت نجاحات كبيرة وكشفت الكثير من الحقائق للرأي العام الجنوبي والخارجي، ووصلت إلى مكانة مرموقة محلياً وعربياً. كما يشددون على أن محاولات استهدافها لن تثنيها عن مواصلة “مشوارها الإعلامي المتميز”. وتضمنت دعواتهم التأكيد على أهمية تعزيز ثقة الرأي العام الجنوبي بالقناة كمصدر أساسي للمعلومة، واستعراض برامجها النوعية التي تناولت قضايا الشهداء، الجبهات، الأسرى، والخدمات.

كما طالبوا بنشر شهادات موثوقة من شخصيات جنوبية بارزة تشيد بدور القناة وتأثيرها، وبإحياء “روح التكاتف الجنوبي” حولها، وتعزيز الهوية الجنوبية الإعلامية. ويُشاد بدور القناة في كشف ما يوصف بـ”جرائم وانتهاكات” ضد شعب الجنوب.

أهداف خبيثة

ويذهب مراقبون مقربون من دوائر صنع القرار في المجلس الانتقالي إلى أن الغرض من هذه الحملات يتجاوز استهداف القناة ليصل إلى “محاولات لعرقلة العملية السياسية الناجحة” التي يقودها الرئيس الزبيدي، وذلك عبر “خلط الأوراق وإرباك المشهد الوطني”. ويرون أن استهداف القناة يعكس “حالة من الإرباك” لدى خصوم المشروع الجنوبي، الذين أدركوا، بحسب هذا التحليل، أن “الإعلام المهني أصبح سلاحاً فاعلاً في معركة الوعي والسيادة”.

وفي سياق متصل، يقول الصحفي الجنوبي عدنان السيف، في حديث “للصوت الجنوبي”: “إن ما نشهده ليس مجرد سجال إعلامي، بل هو جزء لا يتجزأ من صراع سياسي أوسع. قناة عدن المستقلة وجدت نفسها في قلب هذا الصراع، ليس باختيارها دائماً، ولكن بحكم طبيعة الرسالة التي تحملها والتطلعات التي تعبر عنها. قدرتها على الصمود والتأثير رغم الضغوط الهائلة هي شهادة على أهمية وجود إعلام وطني جنوبي قوي ومستقل”.

ويضيف السيف: “الحديث عن عرقلة العملية السياسية عبر استهداف الإعلام هو تحليل منطقي، فالإعلام يشكل الوعي، والوعي هو أساس أي تحرك سياسي ناجح. بالتالي، فإن إضعاف الصوت الإعلامي للمجلس الانتقالي هو محاولة لتقويض قاعدته الشعبية ونفوذه السياسي”.

وقد أصدرت نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين بياناً أكدت فيه تضامنها المطلق مع قناة “عدن المستقلة”، معتبرة إياها “لسان حال شعب الجنوب”. وأوضحت النقابة أن القناة تتعرض لـ”حملة غير مسبوقة من الهجوم والتشويه” تستهدف كبح دورها الوطني.

ونبهت إلى أن هذه الحملة هي “تعبير عن استهداف ممنهج لتطلعات وهوية شعب الجنوب وحقوقه المشروعة”. واعتبرت النقابة القناة “منبراً حيوياً ينقل معاناة شعب الجنوب وتطلعاته”، مشيدة بجهود قيادتها الشابة، ممثلة بعبدالعزيز الشيخ (المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، رئيس قطاع الإذاعة والتلفزيون) ونائبه محمد العمودي، وفريق العمل.

ولفت بيان النقابة إلى أدوار القناة في التغطية الشاملة للقضايا الجنوبية عبر برامج مثل “المشهد الجنوبي” و”حديث الناس”، بالإضافة إلى تعزيز دور المرأة وطرح قضاياها، والبرامج الدينية والثقافية والترفيهية.

وكشفت النقابة أن الهجوم على القناة هو “جزء من حملة أوسع تستهدف إسكات صوت الجنوب الإعلامي الحر”. وعبرت عن استنكارها لكل أشكال “التهديد والتنمر” الموجه ضد القناة وكوادرها.