الجمعة, ديسمبر 5, 2025
الصوت الجنوبي – تقرير خاص في خطوة وصفت بأنها بارقة أمل وسط سنوات من الصراع والمعاناة الإنسانية، أعادت جهود جنوبية، فتح الطريق الدولي الاستراتيجي الذي يربط العاصمة الجنوبية عدن بالعاصمة اليمنية صنعاء عبر منفذ الضالع-دمت، وذلك بعد إغلاق دام لسنوات بسبب إرهاب مليشيات الحوثي المدعومة من إيران. ويأتي هذا التطور الهام، الذي تم يوم الأربعاء..." />
الصوت الجنوبي – تقرير خاص

في خطوة وصفت بأنها بارقة أمل وسط سنوات من الصراع والمعاناة الإنسانية، أعادت جهود جنوبية، فتح الطريق الدولي الاستراتيجي الذي يربط العاصمة الجنوبية عدن بالعاصمة اليمنية صنعاء عبر منفذ الضالع-دمت، وذلك بعد إغلاق دام لسنوات بسبب إرهاب مليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
ويأتي هذا التطور الهام، الذي تم يوم الأربعاء 28 مايو 2025، تتويجاً لجهود مكثفة قادتها الأطراف الجنوبية، واستجابة لتوجيهات عليا تهدف إلى تخفيف العبء الإنساني عن كاهل المواطنين وتسهيل حركة التنقل والبضائع.
اجتماع عسكري جنوبي
سبق قرار إعادة الفتح اجتماع عسكري وأمني موسع ترأسه اللواء الركن علي مقبل صالح، محافظ الضالع وقائد محور الضالع العسكري. وحضر الاجتماع شخصيات قيادية بارزة في الهيكل العسكري والأمني الجنوبي، من بينهم العميد عبدالله مهدي سعيد، رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة الضالع ورئيس العمليات العسكرية المشتركة لجبهات محور الضالع، واللواء هادي العولقي، قائد المحور العملياتي وقائد المنطقة العسكرية الثامنة، والعميد أحمد قائد القبه، قائد قوات الحزام الأمني، بالإضافة إلى عدد من قادة الألوية والوحدات العسكرية المرابطة.
ووفقاً لبيان صادر عن المركز الإعلامي لمحور الضالع القتالي، كُرّس الاجتماع لمناقشة مستفيضة للأوضاع العسكرية والأمنية، حيث تصدر جدول الأعمال ملف إعادة فتح الطريق الدولي.
وأشار البيان إلى أن هذا القرار جاء “استجابة للتوجيهات القيادية العليا، واستشعاراً بالمعاناة الإنسانية التي يتكبدها المواطنون نتيجة إغلاق هذا الشريان الحيوي، وحرصاً على توفير ممرات آمنة تسهل التنقل بين المحافظات”.
وأقر المجتمعون إعادة فتح الطريق بشكل فوري عقب استكمال أعمال التأهيل الضرورية وإصلاح الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية للطريق جراء سنوات الحرب.
وتقرر أن تتم عملية إعادة التأهيل والتشغيل بإشراف مباشر من السلطة المحلية والجهات الهندسية المختصة، وبالتنسيق الكامل والوثيق مع كافة الجهات العسكرية والأمنية الجنوبية.
كما تم التشديد خلال الاجتماع على ضرورة رفع مستوى الجاهزية الأمنية وتفعيل آليات التنسيق المستمر بين مختلف الوحدات لضمان سلامة العابرين وحماية الطريق من أية تهديدات محتملة.
وأكد الحاضرون في الاجتماع، بحسب البيان، التزامهم الكامل بتنفيذ مخرجات الاجتماع، معربين عن تقديرهم للجهود التي تبذلها القيادة السياسية والعسكرية الجنوبية، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية.
وجدد القادة العسكريون استعدادهم لدعم أية خطوات إنسانية من شأنها التخفيف من وطأة المعاناة عن المواطنين في جميع أنحاء البلاد.
وفي حين تمثل خطوة فتح طريق الضالع-دمت انفراجة مهمة، لا تزال طرق أخرى حيوية مغلقة. وفي هذا السياق، قال القيادي في المقاومة الجنوبية طه حسين أبوبكر، قائد جبهة ثرة في تصريحات تابعها “الصوت الجنوبي” بأن الطريق الرابط بين محافظتي البيضاء وأبين عبر ثرة، والذي يعتبر شريان حياة للمنطقتين، مفتوح من جانب المقاومة الجنوبية.
وأشار أبوبكر إلى أن وفداً كان قد زار المنطقة للمطالبة بفتح الطريق، وأكد الوفد أن جماعة الحوثي هي من تعرقل فتحه، وتستخدم منازل المواطنين كمواقع عسكرية، بالإضافة إلى زرع الألغام بشكل مكثف في المناطق المحيطة.
وأكد قائد جبهة ثرة أن المقاومة الجنوبية لا تمانع إطلاقاً في فتح الطريق، شريطة نزع الألغام التي تشكل خطراً داهماً على المدنيين، والسماح بعودة المهجرين قسراً إلى منازلهم، وعدم فرض أية نقاط جباية غير قانونية على العابرين.
وأضاف أن القرار النهائي بشأن إدارة الطريق من جانبهم يعود لقيادة المحافظة، مع التشديد على أهمية عقد اجتماع موسع يضم كافة القيادات المعنية لاتخاذ قرار مشترك يضمن أمن وسلامة الطريق والمواطنين.
ارتياح شعبي وترقب لموقف الحوثيين
شهدت الساعات التي تلت الإعلان عن فتح طريق الضالع-دمت عمليات إزالة مكثفة للسواتر الترابية والحواجز الأمنية التي كانت تعيق المرور. وعبر مواطنون عن ارتياحهم العميق لهذه الخطوة التي طال انتظارها، مؤكدين أن إغلاق هذا الشريان الحيوي تسبب في معاناة إنسانية واقتصادية كبيرة، وأجبر المسافرين على سلوك طرق بديلة طويلة ووعرة وخطرة في كثير من الأحيان.
وتأتي هذه الخطوة في إطار “جهود محلية حثيثة” من الجانب الجنوبي لاستعادة مظاهر الحياة المدنية وتخفيف التداعيات الإنسانية للصراع.
ودعت السلطات المحلية في محافظة الضالع جميع الأطراف المنخرطة في الصراع إلى تحييد الطرقات والممرات الإنسانية وتجنيبها الأعمال العسكرية، مطالبة بفتح المزيد من الممرات لتسهيل حركة المواطنين والتخفيف من الأعباء المتزايدة التي يواجهونها يومياً.
خطوة استراتيجية جنوبية
يرى مراقبون أن قرار إعادة فتح طريق الضالع-دمت يحمل في طياته أبعاداً سياسية ودبلوماسية تتجاوز الجانب الإنساني المباشر، على أهميته.
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الجنوبي، عدنان التميمي، في تصريح “للصوت الجنوبي”: “إن مبادرة المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية بإعادة فتح هذا الطريق الاستراتيجي ليست مجرد لفتة إنسانية، بل هي خطوة سياسية ذكية ومحسوبة بدقة”
وأضاف: “إنها تعكس شعوراً عالياً بالمسؤولية تجاه المواطنين في الشمال والجنوب على حد سواء، وتظهر للعالم أن القيادة الجنوبية جادة في البحث عن حلول عملية لتخفيف المعاناة، حتى في ظل استمرار تعنت الطرف الآخر”.
وأضاف التميمي : “هذه الخطوة تضع الكرة في ملعب جماعة الحوثي. فإما أن يقابلوا هذه البادرة الإيجابية بالمثل ويُسهلوا حركة المرور من جانبهم دون عوائق، أو أن يكشفوا عن عدم اكتراثهم الحقيقي بالوضع الإنساني، وهو ما دأبوا على المتاجرة به إعلامياً. كما أن هذا القرار يعزز من صورة المجلس الانتقالي كطرف فاعل ومسؤول وقادر على اتخاذ قرارات سيادية تخدم مصالح الناس على الأرض، وهو ما قد يكون له تداعيات إيجابية على أي مفاوضات سلام مستقبلية”.
من جانبه، علق الصحفي خلدون الضالعي قائلاً: “لقد استقبل الشارع الجنوبي هذا النبأ بكثير من الترحيب والارتياح. طيلة السنوات الماضية، كان إغلاق طريق الضالع بمثابة جرح غائر في جسد التواصل بين المحافظات. هذه المبادرة، التي قادتها السلطات الجنوبية بتوجيهات من قيادة المجلس الانتقالي، تأتي لتؤكد أن هناك إرادة حقيقية لدى الجنوبيين لإنهاء مظاهر الحرب وتداعياتها”.
وأردف الضالعي في حديثه “للصوت الجنوبي”: “الأهم الآن هو ضمان استدامة هذه الخطوة. يتطلب الأمر يقظة أمنية عالية من جانب القوات الجنوبية لتأمين الطريق، وتعاوناً حقيقياً من الطرف الآخر. المواطنون يأملون أن تكون هذه بداية لفتح جميع الطرق المغلقة، وأن تسود لغة الحوار والمصلحة العامة على لغة السلاح. والفضل في هذه الخطوة، بعد الله، يعود للقيادة الجنوبية التي أثبتت مرة أخرى أنها الأقرب لنبض الشارع وهموم المواطنين”.
تحديات وآفاق مستقبلية
رغم الأجواء الإيجابية التي صاحبت إعادة فتح الطريق، تظل هناك تحديات قائمة. فالحالة الأمنية الهشة في البلاد بشكل عام، واحتمالية عدم التزام جميع الأطراف بتسهيل المرور الآمن، قد تعيق الاستفادة الكاملة من هذه الخطوة. كما أن الأضرار التي لحقت بالطريق قد تتطلب وقتاً وجهداً لإصلاحها بشكل كامل.
ومع ذلك، يعتبر الكثيرون أن مبادرة فتح طريق الضالع-دمت تمثل خطوة هامة في اتجاه بناء الثقة، وقد تشجع على اتخاذ خطوات مماثلة في مناطق أخرى.
وتبقى الأنظار متجهة نحو رد فعل جماعة الحوثي، وما إذا كانت ستستجيب لهذه البادرة الإنسانية التي أطلقتها القيادة الجنوبية، بما يخدم مصالح ملايين المواطنين الذين أنهكتهم سنوات الحرب الطويلة.
واختتم التميمي حديثه “للصوت الجنوبي” بالتاكيد على أن قرار إعادة فتح شريان الحياة هذا، والذي جاء بجهد جنوبي واضح، لا يقتصر تأثيره على تسهيل حركة الأفراد والبضائع فحسب، بل يبعث برسالة سياسية مفادها أن هناك أطرافاً لا تزال تؤمن بإمكانية تخفيف حدة الصراع وإعطاء الأولوية للاعتبارات الإنسانية، في مسعى قد يفتح، ولو بشكل جزئي، نافذة نحو التهدئة المنشودة.
نوفمبر 24, 2025
نوفمبر 23, 2025
نوفمبر 15, 2025
نوفمبر 10, 2025