الجمعة, يوليو 11, 2025
الصوت الجنوبي – تقرير خاص في لحظة فارقة من تاريخ الجنوب المعاصر، وفي يوم مشهود من أيام العزة والكرامة، يحتفي شعب الجنوب عامة، وأبناء أرخبيل سقطرى خاصة، بالذكرى الخامسة لتحرير جزيرتهم الأسطورية من قبضة قوى الإرهاب والتطرف ومليشيات حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن. ففي التاسع عشر من يونيو عام 2020، سطّرت..." />
الصوت الجنوبي – تقرير خاص
في لحظة فارقة من تاريخ الجنوب المعاصر، وفي يوم مشهود من أيام العزة والكرامة، يحتفي شعب الجنوب عامة، وأبناء أرخبيل سقطرى خاصة، بالذكرى الخامسة لتحرير جزيرتهم الأسطورية من قبضة قوى الإرهاب والتطرف ومليشيات حزب الإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
ففي التاسع عشر من يونيو عام 2020، سطّرت القوات المسلحة الجنوبية، بتوجيهات مباشرة من القيادة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي ممثلة بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ملحمة بطولية أعادت لسقطرى هويتها الجنوبية الأصيلة، ووضعتها على مسار جديد من الأمن والتنمية والاستقرار بعد عقود طويلة من التهميش الممنهج والنهب المنظم.
واليوم، ومع حلول هذه الذكرى، لا تزال أصداء ذلك النصر تتردد في أرجاء الجنوب، مجسدةً إرادة شعب لا تلين، وقيادة حكيمة لا تفرّط في ذرة تراب من أرض الوطن.
وللتعبير عن هذه المشاعر الجياشة، أطلق ناشطون ومغردون جنوبيون يوم الخميس الماضي عاصفة إلكترونية واسعة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) تحت وسم (#الذكرىالخامسهلتحرير_سقطرى) احتفاءً بالمناسبة، مؤكدين التفافهم الشعبي الكامل حول المجلس الانتقالي الجنوبي والمشروع الوطني التحرري الهادف إلى استعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة.
من أغلال التهميش إلى فضاء التحرير
قبل خمس سنوات من الآن، كانت جوهرة المحيط الهندي، سقطرى، ترزح تحت وطأة احتلال مقنّع، سعى لتجريدها من هويتها وتاريخها ونهب ثرواتها وتغيير ديمغرافيتها.
كانت الجزيرة، التي وصفها العالم بأنها “متحف حي للطبيعة” وأيقونة متفردة على خارطة الجمال الكوني، تعاني من إهمال متعمد طال كل مناحي الحياة. فالبنية التحتية كانت متهالكة، والخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصحة وتعليم شبه منعدمة، والمشاريع التنموية مجرد وعود زائفة، بينما كانت خيرات الجزيرة تُنهب وتُستغل لصالح قوى نفوذ في صنعاء لا ترى في سقطرى إلا غنيمة حرب وموقعًا استراتيجيًا لخدمة أجندات خارجية مشبوهة.
كانت جماعة الإخوان، عبر أذرعها العسكرية والسياسية، تعمل على عسكرة الجزيرة المسالمة، ونشر الفوضى، وخلق الانقسامات بين أبنائها، في محاولة يائسة لطمس هويتها الجنوبية وربطها قسرًا بمشروع الوحدة اليمنية الفاشل الذي لم يجلب للجنوب سوى الدمار والخراب.
الصحفي جمال السقطري، وهو من أبناء الجزيرة الذين عايشوا تلك الفترة المظلمة، يروي شهادته الحية عن تلك الأيام. وقال السقطري في حديث “للصوت الجنوبي”: “قبل التاسع عشر من يونيو 2020، كنا نعيش في عزلة كبيرة. كانت الجزيرة مختطفة، وإرادتنا كأبناء سقطرى مسلوبة. كنا نرى بأعيننا كيف يتم العبث بمقدرات أرضنا وتاريخنا، وكيف تُنشر ثقافة غريبة عن مجتمعنا المتسامح والمسالم. كان الخوف هو سيد الموقف، والخدمات غائبة، والمستقبل مجهولًا”.
وأضاف السقطري: “كنا نشعر بأننا غرباء في أرضنا. المليشيات القادمة من الشمال كانت تتحكم في كل شيء، من الميناء والمطار إلى مفاصل الإدارة المحلية. كان التهميش سياسة ممنهجة لإخضاعنا وكسر إرادتنا، لكن الأمل ظل يراودنا بأن يوم الخلاص قادم لا محالة على أيدي أبطالنا في القوات المسلحة الجنوبية وقيادتنا الحكيمة في المجلس الانتقالي”.
نقطة التحول
جاء يوم التاسع عشر من يونيو لعام 2020 ليكون يومًا فاصلًا في تاريخ سقطرى والجنوب بأسره. فبعد أن استنفدت كل السبل السلمية، وبعد تمادي المليشيات الإخوانية في غيّها واستفزازاتها، أصدر الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، توجيهاته الحاسمة للقوات الجنوبية بالتحرك لتطهير الجزيرة وتأمينها وفرض سيطرة الدولة الجنوبية عليها.
وفي عملية عسكرية خاطفة ومحكمة، تمكنت القوات الجنوبية، بمساندة شعبية جارفة من أبناء سقطرى، من بسط سيطرتها الكاملة على عاصمة الأرخبيل “حديبو” وكافة المرافق الحيوية والعسكرية، دون إراقة دماء تذكر، في مشهد أذهل القوى الإرهابية وأكد على احترافية القوات الجنوبية وانضباطها والتفاف الشعب حولها.
لم يكن تحرير سقطرى مجرد انتصار عسكري، بل كان بداية لعهد جديد من البناء والتنمية. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، عمل المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتعاون الوثيق مع الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، على تغيير وجه الحياة في الجزيرة بشكل جذري.
على الصعيد الأمني، كانت الأولوية القصوى هي تثبيت الأمن والاستقرار. نجحت القوات الجنوبية في إنهاء مظاهر العسكرة والفوضى التي خلفتها المليشيات الإخوانية، وأعادت تفعيل الأجهزة الأمنية المحلية، ونشرت نقاط الأمن والحزام الأمني في كافة أرجاء الجزيرة، مما خلق بيئة آمنة ومستقرة شعر معها المواطن والسائح بالأمان لأول مرة منذ سنوات.
وعلى الصعيد التنموي والخدمي، شهدت سقطرى ثورة تنموية حقيقية بفضل جهود السلطة المحلية بقيادة المجلس الانتقالي والدعم السخي من الأشقاء في الإمارات عبر ذراعها الإنسانية، هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية. شملت المشاريع قطاعات حيوية كانت منسية تمامًا:
الكهرباء: تم إنشاء محطات كهرباء جديدة وتوسعة المحطات القائمة، مما أسهم في وصول التيار الكهربائي إلى مناطق واسعة لساعات أطول، بعد أن كانت الجزيرة تغرق في ظلام دامس.
المياه: حُفرت عشرات الآبار، ومُدت شبكات المياه إلى القرى والتجمعات السكانية المحرومة، مما أنهى معاناة طويلة للسكان في الحصول على مياه الشرب النظيفة.
الصحة: تم تأهيل وتجهيز مستشفى خليفة المركزي في حديبو بأحدث المعدات الطبية، وافتتاح مراكز صحية في الأرياف، وتسيير قوافل طبية منتظمة، مما وفر رعاية صحية لائقة للمواطنين.
التعليم: جرى ترميم وتأهيل عشرات المدارس، وتوفير الكتاب المدرسي، ودعم المعلمين، وتقديم منح دراسية للطلاب المتفوقين للدراسة في الخارج.
البنية التحتية: شُقت الطرقات ورُصفت، وتم تأهيل وتوسعة ميناء سقطرى لزيادة قدرته الاستيعابية، وتطوير مطار سقطرى الدولي لاستقبال الرحلات الدولية، مما فك العزلة عن الجزيرة وربطها بالعالم.
وعلى الصعيد السياحي والاقتصادي، أسهم الاستقرار الأمني والتطور الخدمي في عودة الروح إلى قطاع السياحة، الذي يعد عصب اقتصاد الجزيرة. تدفق السياح من مختلف أنحاء العالم مجددًا للاستمتاع بطبيعة سقطرى الفريدة، مما أدى إلى انتعاش الفنادق والخدمات السياحية وتوفير مئات فرص العمل لأبناء الجزيرة.
الكاتب السياسي محمد الداحم يرى أن تحرير سقطرى وتنميتها يمثل نموذجًا مصغرًا لمشروع الدولة الجنوبية القادمة. وتحدث الداحم قائلًا: “إن ما حدث في سقطرى خلال السنوات الخمس الماضية هو أكثر من مجرد تحرير أرض، إنه إثبات عملي على قدرة المجلس الانتقالي الجنوبي على بناء الدولة وإدارة مواردها بكفاءة ومسؤولية. لقد حوّل المجلس الجزيرة من بؤرة توتر ومؤامرات إلى واحة أمن ونموذج تنموي يُحتذى به”.
وبشأن الأهمية الاستراتيجية لتحرير سقطرى، قال الداحم “للصوت الجنوبي”: “لقد شكّل تحرير سقطرى ضربة قاصمة لمشروع الإخوان الذي كان يهدف إلى السيطرة على أهم الممرات المائية الدولية، واستخدام الجزيرة كقاعدة لتهديد أمن المنطقة والملاحة الدولية. وبسط سيطرة القوات الجنوبية عليها يعني تأمين الخاصرة الجنوبية للوطن العربي وتأمين أحد أهم شرايين التجارة العالمية، وهذا يوضح الرؤية الاستراتيجية الثاقبة للرئيس عيدروس الزُبيدي والمجلس الانتقالي”.
وأضاف الداحم: “إن نجاح تجربة سقطرى يعطي رسالة واضحة للعالم أجمع، مفادها أن الجنوبيين قادرون على حكم أنفسهم وبناء دولتهم الحديثة، وأن المجلس الانتقالي هو الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجنوب، وهو القوة الحقيقية القادرة على فرض الاستقرار ومكافحة الإرهاب بالشراكة مع المجتمع الدولي والأشقاء في التحالف العربي”.
دور إماراتي لا يُنسى
يقدم الصحفي جمال السقطري بُعدًا إنسانيًا أعمق لهذه التحولات. وأشار السقطري إلى أن “الفارق بين سقطرى اليوم وسقطرى قبل خمس سنوات كالفرق بين النور والظلام. اليوم نرى المشاريع على أرض الواقع، نرى المستشفى يعمل بكفاءة، والكهرباء تصل بيوتنا، وأطفالنا يذهبون إلى مدارس أفضل حالًا. الأهم من كل ذلك، هو شعورنا بالفخر والكرامة بعد أن عادت سقطرى إلى حضنها الجنوبي الطبيعي”.
ولا يمكن الحديث عن نهضة سقطرى دون الإشادة بالدور المحوري والأخوي لدولة الإمارات العربية المتحدة. وتحدث السقطري عن هذا الدور، وقال “للصوت الجنوبي”: “بصمات الخير الإماراتية موجودة في كل شبر من سقطرى. دعمهم لم يكن مجرد مساعدات عابرة، بل كان دعمًا استراتيجيًا ومستدامًا لامس حياة كل مواطن. إنهم أشقاء صدقوا معنا فبادلناهم الوفاء بالوفاء، وسيبقى هذا الدور محفورًا في ذاكرة الأجيال”.
وتمضي سقطرى اليوم في عامها الخامس على درب التحرير والتنمية، وهي أكثر ثقة بمستقبلها كجزء لا يتجزأ من دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والرئيس القائد اللواء عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
يوليو 10, 2025
يوليو 10, 2025
يوليو 10, 2025
يوليو 10, 2025