الجمعة, يوليو 11, 2025
الصوت الجنوبي _ تقرير خــاص منذ تولي العميد الركن سعيد أحمد المحمدي قيادة الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت في يونيو 2021، بدأت صفحة جديدة من العمل الوطني، عنوانها الحضور الفاعل في الميدان والاستجابة المباشرة لهموم الناس. حضرموت، التي كانت تقف على مفترق طرق وسط أزمات سياسية وخدمية متراكمة، وجدت نفسها أمام..." />
الصوت الجنوبي _ تقرير خــاص
منذ تولي العميد الركن سعيد أحمد المحمدي قيادة الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت في يونيو 2021، بدأت صفحة جديدة من العمل الوطني، عنوانها الحضور الفاعل في الميدان والاستجابة المباشرة لهموم الناس.
حضرموت، التي كانت تقف على مفترق طرق وسط أزمات سياسية وخدمية متراكمة، وجدت نفسها أمام قيادة تؤمن بالفعل لا بالشعارات، وبالهوية الجنوبية كخيار مصيري لا رجعة فيه.
“حين تسلّمتُ مهامي، كنتُ مدركًا لحجم التحديات. لكن إيماني بحضرموت وبشعبها وبقضية الجنوب جعلني لا ألتفت للعقبات”، يقول العميد سعيد المحمدي في حديث خاص لـ «الصوت الجنوبي».
مليونيات الغضب.. صوت حضرموت لا يُقهر
في 7 يوليو 2021، وبعد أسبوع واحد فقط من تسلم القيادة الجديدة لمهامها، خرج أبناء حضرموت في مليونية حاشدة بمدينة سيئون، رافضين استخدام أراضيهم منصة لبرلمان لا يمثلهم. كانت تلك الفعالية بمثابة الإعلان الصريح أن حضرموت حاضرة ومؤثرة، وليست مجرد متلقٍ لقرارات الخارج.
تتابعت بعدها الفعاليات الشعبية في المكلا والشحر وتريم والقطن وسيئون، لتصبح المليونيات أداة تعبير دائمة عن رفض الاحتلال والتهميش، وللتأكيد على أن حضرموت مكوّن فاعل في معركة استعادة الدولة الجنوبية.
كما شهدت المكلا في فبراير 2024 مليونية داعمة لقوات النخبة الحضرمية، وتلتها في أكتوبر مليونية الهوية الجنوبية بسيئون. وفي مايو، توّجت هذه الفعاليات بمسيرة جماهيرية ضخمة بمناسبة ذكرى تحرير ساحل حضرموت.
وقال المحمدي: “الحشود التي خرجت لم تكن فقط للتظاهر، بل لتقول: حضرموت ليست صامتة… متى نهضت، لا تُقهر.”
في قلب الكارثة.. حضرموت أولاً
حين ضرب إعصار “تيج” حضرموت في أكتوبر 2023، لم تنتظر الهيئة التنفيذية أوامر من أحد. خلال الساعات الأولى، تحركت معدات ثقيلة ومساعدات طارئة إلى المديريات المتضررة.
في مناطق الريدة وقصيعر والديس الشرقية، لم تكن الاستجابة شكلية، بل عملية وإنسانية بامتياز: فتح طرق، إنقاذ أسر محاصرة، توفير مواصلات للطلاب، وتأمين المواد الغذائية الأساسية.
العميد المحمدي أدار غرفة العمليات ميدانيًا، حيث زار المناطق المنكوبة بنفسه، وأشرف على التنسيق بين الفرق.
“ما قمنا به خلال الكارثة لم يكن تفضّلًا، بل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا”، صرّح المحمدي، مضيفًا: “حضرموت لا تُترك وحدها، هذه قناعتنا.”
وقد حظي هذا التدخل السريع بإشادة واسعة من المواطنين والمنظمات المجتمعية، التي رأت فيه نموذجًا في سرعة الاستجابة والتفاعل مع احتياجات الناس.
الوفاء للشهداء… خط أحمر لا يُمس
منذ الأيام الأولى، أولى العميد المحمدي ملف الشهداء أهمية بالغة. فبتاريخ 14 أكتوبر 2021، نُظّمت فعالية غير مسبوقة لتكريم أكثر من 600 أسرة شهيد، في مشهد مؤثر يُجسد التقدير والتكريم للذين ضحوا بأرواحهم من أجل الجنوب.
ولم يتوقف العمل عند ذلك، بل توالت الزيارات لأسر الشهداء، وتم توثيق بطولاتهم في “قاعة شهداء الجنوب”، التي افتُتحت في مارس 2022 كمقر دائم لحفظ الذاكرة الجنوبية.
كما أُطلقت حملات موسمية لدعم أسر الشهداء، سواء بالمساعدات الغذائية أو المادية، إلى جانب تنظيم لقاءات دورية معهم لتعزيز الروابط المجتمعية.
“دماء الشهداء هي بوصلتنا… ولا يمكن بناء الجنوب دون الوفاء لمن قدموا أرواحهم فداء له”، يؤكد المحمدي.
الهيئة التنفيذية لم تتعامل مع الشهداء كأرقام، بل كعناوين كرامة وتاريخ وواجب مقدس.
المرأة والطفل وذوو الهمم.. في قلب المشروع الوطني
اعتمد انتقالي حضرموت مقاربة إنسانية شاملة، لم تغب عنها الفئات المهمشة. ففي يونيو 2023، نظمت الهيئة يومًا ترفيهيًا خاصًا بالأطفال الأيتام، فيما شهد أبريل 2024 تكريمًا للمناضلات الجنوبيات، تقديرًا لتضحياتهن في معركة الهوية والكرامة.
كما تم تخصيص تكريم خاص للمناضلة رقية بادبيس، تقديرًا لدورها الفريد في تخييط أعلام الجنوب منذ ما يزيد عن عشر سنوات، دون مقابل.
إلى جانب ذلك، أُطلق مشروع توزيع مكائن خياطة للنساء في يناير 2025، وشمل الدعم جمعيات تهتم بالصم والبكم، والتوحد، ومتلازمة داون.
تقول الناشطة النسوية “صفاء بن جوهر”: “ما رأيناه من اهتمام القيادة بالمرأة فاق التوقعات… نحن اليوم جزء من المعادلة، لا مجرد صور في الشعارات.”
تمكين المرأة في حضرموت لم يكن احتفائيًا، بل مشروعًا إنتاجيًا واقتصاديًا وثقافيًا شاملًا.
الرهان على الشباب.. والمراهنة على الرياضة
في خطوة غير مسبوقة، دعم المجلس الانتقالي في حضرموت 19 ناديًا رياضيًا محليًا بمنحة مالية ساعدت على استعادة الأنشطة الرياضية، التي تعطلت بسبب غياب الدعم الحكومي.
وتحول مهرجان حضرموت الرياضي الثاني في نوفمبر 2021 إلى تظاهرة جماهيرية جمعت ألعابًا متنوعة، كما شملت الفعاليات بطولات نسائية، أبرزها في كرة السلة والشطرنج وسباق الكراسي المتحركة.
نُظمت أيضاً بطولات موجهة للكفيفين والمعاقين حركيًا، مما شكّل نقلة نوعية في الاهتمام بالشباب والفئات الخاصة.
الشباب في حضرموت ليسوا فقط جمهورًا، بل صُنّاع مشروع وركيزة بناء للمستقبل.
الصحة والتعليم.. القيادة في موقع الألم
في حضرموت، لم يكن ملف الخدمات غائبًا عن أجندة القيادة، بل كان في صدارة الاهتمام. ومنذ الأشهر الأولى لتوليه المنصب، تحرّك العميد المحمدي ميدانيًا، فزار مستشفيات المكلا، وقدم الدعم العاجل لمستشفى ابن سيناء ومركز الحميات ومستشفى الأمومة والطفولة، لاسيما خلال ذروة تفشي فيروس كورونا.
كما تم تنفيذ حملات رش ضبابي للحد من انتشار الكوليرا في ميفع، وتوزيع المحاليل الوريدية لمواجهة الحميات والأوبئة في مختلف المديريات، إلى جانب دعم مستشفى أمراض القلب بمستلزمات طبية.
وفي القطاع الأهلي، تم افتتاح صيدلية ومختبر تابع لعيادة خالد بن الوليد الخيرية، وتنظيم دورات إسعافات أولية للمتطوعين الصحيين.
أما في التعليم، فقد نفذت الهيئة مشروع القرطاسية والزي المدرسي للطلاب المحتاجين، إلى جانب إطلاق برامج تدريب مهني في التمديدات الكهربائية والتقوية التعليمية للفتيات في المكلا وغيل باوزير.
الثقافة والإعلام.. معركة الوعي والهوية
آمنت الهيئة التنفيذية في حضرموت بأن المعركة السياسية لا تكتمل بدون تعزيز الوعي والهوية، لذلك دعمت الفنون والمسرح والذاكرة الشعبية.
نُظمت معارض للفن التشكيلي بمشاركة شباب موهوبين، وفعاليات تراثية، منها أمسيات لإحياء ذكرى الشاعر حسين المحضار، وزيارة متحفه في الشحر، واحتفال ثقافي بذكرى رحيل الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه.
كما أُقيم حفل كبير بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، وكرّمت الهيئة 37 شخصية مسرحية، وقدّمت مسرحية بعنوان “من أجل الشهيد”، كرسالة فنية خالدة.
وفي مجال الإعلام، تم تنظيم دورات تخصصية في التصوير والتحرير وصناعة التقارير التلفزيونية، إلى جانب عقد لقاءات مع قنوات وصحف محلية.
البُعد القبلي.. القرار يبدأ من المجالس
في مجتمع قبلي عريق كحضرموت، أدركت القيادة أن لا مشروع ينجح دون انفتاح على القبائل. ومنذ البداية، بادر العميد المحمدي بعقد لقاءات مع كبار المشايخ والمقادمة، بدءًا من قبيلته (المحمدي)، وصولًا إلى آل بلعبيد، سيبان، نهد، نوح، الصيعر، وغيرها من القبائل المؤثرة.
لم تكن اللقاءات بروتوكولية، بل حوار مفتوح حول الأرض والهوية والتمثيل والتمكين الأمني لقوات النخبة.
كما عقدت الهيئة لقاءات تشاورية واسعة، أبرزها لقاء قبائل سيبان في يوليو 2023، ويافع في أغسطس، ونهد في أكتوبر، في إطار توحيد الصف القبلي الحضرمي خلف رؤية جنوبية جامعة.
حضور دولي.. حضرموت تطرق أبواب العالم
لم تقتصر جهود القيادة على الداخل، بل سعت لمدّ جسور التواصل مع العالم. فخلال السنوات الأربع، استقبلت الهيئة التنفيذية في المكلا وفودًا دولية بارزة، منها منظمة الحوار الإنساني (HD) بجنيف، ووفد المبعوث الأممي، وخبراء من مجلس الأمن، والمعهد الأوروبي للسلام.
كما ناقشت ملفات التنمية والأمن وحقوق الإنسان مع شخصيات دولية، أبرزها الخبير الاقتصادي ديفيد وود. هذه اللقاءات أكدت أن حضرموت لم تعد حبيسة الجغرافيا، بل أصبحت رقمًا في معادلة الاستقرار الإقليمي.
حضرموت في صدارة الجنوب
أربعة أعوام من العمل الدؤوب، أظهرت أن القيادة التنفيذية في حضرموت بقيادة العميد سعيد أحمد المحمدي، لم تكن حاضرة في البيانات فقط، بل في الشارع، وفي القرى، وفي الصفوف الأمامية.
حضرموت، التي كانت تُعتبر منسية سياسيًا، أصبحت اليوم مركزًا للحراك الجنوبي، ومحورًا للحوار المجتمعي، ورمزًا للاستقرار والتنمية.
اليوم، تقف حضرموت وقد أثبتت أنها ليست متفرجًا، بل صانع قرار، ومؤمن بأن الجنوب لا يمكن أن يُبنى دون نهضتها. الطريق لم ينتهِ بعد، لكن الثقة أصبحت أكبر، والخبرة صارت أرسخ… والعزيمة، كما كانت، لا تنضب.
يوليو 10, 2025
يوليو 10, 2025
يوليو 10, 2025
يوليو 10, 2025