الصوت الجنوبي _ تقرير خاص

في تصعيد جديد ضد العاصمة عدن، أطلقت مليشيات الحوثي الإرهابية، مطلع الأسبوع الجاري، حملة إعلامية ممنهجة تستهدف مطار عدن الدولي، بزعم أنه “غير آمن”. الحملة التي قادتها قيادات إعلامية حوثية بارزة، جاءت عقب فشل المليشيات في اختطاف طائرات جديدة لتشغيل مطار صنعاء، وبعد أيام فقط من ضبط أجانب متورطين في تهريب المخدرات ودعم الحوثيين داخل المطار.

يمثل مطار عدن الدولي شريان الحياة للمواطنين، ومنفذهم إلى العالم الخارجي، وملاذ المرضى والمسافرين من مختلف المحافظات. ورغم ذلك، تصر المليشيات على استهدافه في إطار سلوك عدائي ممنهج ضد المنشآت المدنية، في محاولة لفرض معادلات سياسية عبر الإرهاب الإعلامي والعسكري.

ويرى مراقبون أن الحملة تأتي ضمن مساعٍ حوثية لإغلاق المطار، أو على الأقل إضعاف الثقة به، لتبرير أعمال عدوانية جديدة تشبه استهدافه الصاروخي الغادر في ديسمبر 2020، وتحقيق مكاسب سياسية عبر معاناة المواطنين.

مطار عدن.. منشأة مدنية وبوابة لكل المواطنين

يمثل مطار عدن الدولي أحد أهم المرافق الحيوية في البلاد، إذ يخدم مئات الآلاف من المسافرين سنويًا، ويُعد البوابة الرئيسية لليمنيين نحو الخارج، بعد توقف معظم المطارات بفعل الحرب والانقلاب الحوثي.

وزير النقل الدكتور عبدالسلام حُميد أكد خلال زيارة ميدانية لمطار عدن الدولي أنه “يخدم جميع المواطنين دون استثناء، وتُطبّق فيه إجراءات تتوافق مع معايير الطيران الدولية”، مشددًا على أن الحملة الحوثية “محاولة بائسة للتشكيك بجهود الدولة والمؤسسات في تأمين المطار وتحسين خدماته”.

كما وجّه الوزير قيادة المطار والعاملين بعدم الالتفات إلى “التهديدات والحملات الإعلامية المغرضة من قوى لا يروق لها النجاح”، في إشارة واضحة إلى المليشيات الحوثية التي تسعى لتقويض الاستقرار في العاصمة عدن.

ويرى خبراء الطيران أن مطار عدن أثبت جاهزيته التشغيلية والأمنية رغم التحديات، بفضل دعم الحكومة والجهات الأمنية الجنوبية التي وفرت له بيئة آمنة لتسيير الرحلات الدولية والإنسانية.

حملة ظالمة بعد إطلاق شركة طيران جديدة

جاءت الحملة الحوثية مباشرة بعد إطلاق شركة طيران عدن من مطار عدن، في خطوة هدفها تعزيز قطاع النقل الجوي، وتخفيف معاناة المسافرين. لكن الحوثيين رأوا في ذلك تهديدًا لهيمنتهم على الخطوط الجوية وموارد النقل، فاختاروا طريق التشويه عبر الإعلام.

الصحفي محمد بازهير قال في منشور له على منصة إكس رصده محرر “الصوت الجنوبي”: “حين تنطلق مبادرات لتيسير السفر وإنعاش الاقتصاد، يختار الحوثيون الرد بالقصف لا بالتنافس. استهداف مطار عدن بعد إطلاق شركة طيران جديدة يكشف أن معركتهم ليست ضد خصوم سياسيين، بل ضد فكرة التطوير نفسها. الجنوب يُخنق لأنهم يخافون أن يتنفس.”

ويؤكد محللون أن توقيت الحملة ليس صدفة، بل يعكس قلق المليشيات من توسع النشاط المدني والتجاري في عدن، ما يسحب منها ورقة الابتزاز عبر مطار صنعاء.

ويرى ناشطون أن “الحوثيين يريدون خنق الجنوب اقتصاديًا، وإبقاءه تحت الضغط، حتى لا تتحول عدن إلى مركز تنمية وثقل منافس لمناطق سيطرتهم”.

فشل المليشيات في اختطاف طائرات جديدة

كشفت مصادر إعلامية أن الحملة الحوثية جاءت بعد فشلها في الاستحواذ على طائرات جديدة كانت مخصصة لتشغيل مطار صنعاء ضمن مشروع نقل محدود.

ويرى خبراء أن هذا الفشل شكّل ضربة معنوية للمليشيات، التي حاولت الرد عبر توجيه سهامها نحو مطار عدن، في محاولة لصرف الأنظار عن إخفاقها المتكرر في تشغيل مطار صنعاء بشكل طبيعي.

وقال السياسي الجنوبي شكري باعلي في منشور له على منصة إكس رصده محرر “الصوت الجنوبي”: “الحملة الإعلامية الحوثية هدفها شيطنة مطار العاصمة عدن، لتوفير غطاء إعلامي يبرر تنفيذ هجمات مستقبلية على المطار، وحرمان المواطنين من أهم شريان حيوي وبوابة البلاد للعالم.”

ويؤكد مراقبون أن فشل الحوثيين في إدارة مطار صنعاء بشكل مهني أو فتحه عبر الطرق الدبلوماسية، جعلهم يلجأون إلى أسلوب “المقايضة”، بالضغط لإغلاق مطار عدن مقابل منحهم امتيازات سياسية وإنسانية.

إرهاب الكلمة بعد فشل إرهاب الصاروخ

بعد فشل المليشيات في إخضاع العاصمة عدن عبر الهجمات الصاروخية، لجأت مؤخرًا إلى سلاح الإشاعة والتضليل الإعلامي.

أستاذ الإعلام بجامعة عدن الدكتور صدام عبدالله، أوضح في منشور له على منصة إكس رصده محرر “الصوت الجنوبي” أن :”الحوثيين نقلوا معركتهم ضد مطار عدن من الإرهاب الصاروخي إلى حرب الإشاعة”، مشيرًا إلى أن الهدف هو “زعزعة الثقة بإجراءات الأمن، وإثارة الخوف بين المواطنين”.

وأضاف أن “استهداف مطار عدن في ديسمبر 2020 كان محاولة لتخويف اليمنيين وإخضاعهم، لكن فشلها جعل الحوثيين يلجؤون اليوم إلى حرب معنوية عبر الأكاذيب والتسريبات”.

وأكد الدكتور صدام أن “إرهاب الكلمة” لا يقل خطورة عن الإرهاب العسكري، فهو يسعى لتدمير الثقة بمؤسسات الدولة وتشويه منجزات الأمن الجنوبي التي نجحت في كشف خلايا تجسس كانت تعمل لصالح المليشيات داخل المطار.

مطار عدن خط أحمر.. صمود أمام التهديدات

تفاعل الشارع الجنوبي على نطاق واسع ضد الحملة الحوثية، بإطلاق هاشتاقين:

مطارعدنخطاحمر و #مطارعدنممرآمن، للتعبير عن التضامن مع المطار والعاملين فيه، والتأكيد على أنه رمز سيادي لا يمكن المساس به.

المدير الإقليمي لمركز سوث 24 للأخبار والدراسات في عدن، الصحفي يعقوب السفياني قال في منشور له على منصة إكس رصده محرر “الصوت الجنوبي”: “لماذا دمرتم طائرات اليمنية؟ لماذا تسببتم بدمار مطار صنعاء؟ مطار عدن لن يكون نافذة بديلة لعناصركم ولا للسلاح الإيراني ولا لحبوب الكبتاجون. مطار عدن شريان حياة اليمنيين وأنتم أعداء لهذا الشعب.”

ويرى مراقبون أن هذا التفاعل الشعبي يعكس وعيًا متناميًا لدى الشارع بخطورة الحروب الإعلامية الحوثية، وإدراكًا أن الهدف الحقيقي هو عرقلة الاستقرار في الجنوب، لا حماية المسافرين.

ويؤكد خبراء أمنيون أن استمرار ضبط خلايا وعناصر مرتبطة بإيران وحزب الله داخل المطار يبرهن أن عدن باتت هدفًا استخباراتيًا لمشروع إرهابي عابر للحدود، لكن يقظة الأجهزة الأمنية حالت دون تحقيقه.

مطار عدن باقٍ.. والإرهاب زائل

تؤكد الوقائع أن مطار عدن الدولي سيبقى شريان الحياة ومعبَر كل اليمنيين، مهما اشتدت حملات التحريض والتشويه. فالمطار الذي صمد أمام الصواريخ لن تهزه الشائعات، وسيظل شاهدًا على قدرة العاصمة عدن على الوقوف في وجه الإرهاب بكل أشكاله.

إن الحملة الحوثية الأخيرة ليست سوى محاولة يائسة لتعويض الفشل في الميدان والسياسة، وإثبات أن المليشيات لا تملك سوى أدوات الكراهية والتحريض. ويبقى الرد الحقيقي هو في استمرار العمل، ورفع وتيرة الأمن والخدمات في المطار، وترسيخ مبدأ أن عدن مدينة للحياة، لا ساحة للصراع.