الصوت الجنوبي – تقرير خاص

في 4 يوليو 2013، تأسس حلف قبائل حضرموت، في وادي نحب بمديرية غيل بن يمين، بساحل حضرموت، جنوب اليمن، برئاسة الشيخ القبلي البارز سعد بن حبريش العليي، كمكوّن حضرمي يسعى لوحدة الصف الحضرمي بعد الإطاحة بحكم الرئيس اليمني السابق، آنذاك، علي عبدالله صالح.

بعد تأسيس الحلف بأشهر، تولّى عمرو بن حبريش رئاسة الحلف بعد مقتل عمّه، بإجماع مشايخ وأعيان قبلية حينها، وتزعم الهبة الحضرمية في 20 ديسمبر 2013، للمطالبة “بالثأر” لمقتل عمه، بعد استمرار تجاهل الحكومة المركزية مطالب القبائل، وفقاً لبيان الحلف حينها.

أثارت واقعة مقتل الشيخ سعد بن حبريش سخطاً شعبياً عارماً في حضرموت، تداعت على إثره كافة القبائل والعشائر وأعلنت انضمامها لمطالب رئيس الحلف الجديد الشيخ عمرو، التي سعت لإجبار السلطات المحلية على تسليم قتلة الشيخ سعد من جنود المنطقة الأولى ومن وقف خلفهم.

لقد أعادت الهبة الحضرمية الأولى وحلف قبائل حضرموت التذكير بهيبة القبائل والعشائر في جنوب اليمن، كقوة لا يُمكن للدولة إخمادها بقوّة مُضادة، لا سيّما بعد محاصرة القبائل لمنابع النفط، وما تلا ذلك من اشتباكات مسلحة بين القبائل والجيش اليمني، دامت لأشهر.

وفي 5 مارس 2014، رضخت الحكومة المركزية لمطالب الحلف بعد أ، وقدّمت مبالغ مالية و20 سيارة دفع رباعي و202 قطعة سلاح لرئاسة الحلف؛ على أن يتم الحُكم خلال 10 أيام في القضية9. لاحقاً ورغم انتهاء الفترة المحددة، تم تنفيذ الحكم، وفقاً لمصادر قبلية.

انحراف عن المسار
وعلى الرغم الدور الكبير الذي لعبه حلف قبائل حضرموت في تحقيق العديد من المكاسب للمحافظة، والدور المهم في تشكيل قوات النخبة الحضرمية، لا يبدو أنّ الحلف اليوم يتمتّع بذات القدر من الزخم الذي حظي به في أعقاب اندلاع الهبّة الحضرمية الأولى في 20 ديسمبر 2013، بعد مقتل الشيخ القبلي البارز سعد بن حبريش في 2 ديسمبر من العام ذاته، في سيئون على يد القوات الشمالية، لا سيّما بعد أنّ ترّبع الشيخ عمرو بن حبريش على عرش السلطة.

وفي 26 أبريل 2016، عُيّن بن حبريش في منصب وكيل أول لمحافظة حضرموت، بقرار جمهوري. وجمعت لقاءات عديدة بعضها غير رسمية بن حبريش مع نائب الرئيس الأسبق المُقال علي محسن الأحمر، الذي تلاحقه تُهم عديدة من بينها ارتباطه بالإرهاب وتصفية الشيخ سعد بن حبريش، عبر قوات المنطقة الأولى التي كان يديرها ويُشرف عليها.

وفي 22 أبريل 2017، انعقد “مؤتمر حضرموت الجامع” في مدينة المكلا، برئاسة الشيخ عمر بن حبريش، إلى جانب رئاسته لحلف قبائل حضرموت ومنصبه كوكيل أول. وجاء ذلك بمشاركة أكثر من 3 آلاف شخصية حضرمية من مختلف التوجهات.

من هنا، بدأت الأمور تأخذ منعطفات كثيرة لا سيّما بعد ظهور أصوات تُطالب بفصل حضرموت عن الجنوب تصدرها رئيس حلف قبائل حضرموت، وحظيت بدعم من قيادات بحزب التجمع اليمني للإصلاح وأخرى محسوبة على مليشيات الحوثيين.

في المقابل، رفض السواد الأعظم من أبناء المحافظة مخطط تقسيم الجنوب. بينما استمرّ حلف قبائل حضرموت في مطالبه المثيرة “المثيرة للجدل”.

استفزاز وإساءة
ويوم الأحد الماضي، عقد بن حبريش لقاء، بالمكلا، حمل مخرجات “مسيئة” لأمن حضرموت وسلطاتها القضائية، بالإضافة إلى دولة الإمارات، قابلتها ردود فعل غاضبة من مختلف أطياف حضرموت.

لقد استفز البيان الذي تضمن انتقادات حادة وجريئة عدداً كبيراً من أبناء حضرموت رغم اختلاف مكوناتهم؛ وأثار توقيت إصداره ردود فعل غاضبة واستنكاراً شعبياً هو الأول من نوعه حتَّى الآن.

وفي وقت لاحق من يوم الأحد، استنكرت السلطة المحلية ومكونات وشخصيات قبلية ما جاء في البيان الصادر عن حلف قبائل حضرموت.

وأعربت السلطة المحلية بحضرموت استيائها من بعض الدعوات الهدّامة والبيانات المخالفة للواقع والهادفة الى خلق الفتنة والتفرقة.

ونقلت السلطة عن مصدر مسؤول قوله إنّه “في الوقت الذي تمضي فيه السلطة المحلية بحضرموت بقيادة الاستاذ مبخوت مبارك بن ماضي نحو توحيد الصف والكلمة بين جميع مكونات وأبناء حضرموت في الساحل والوادي والهضبة والصحراء لتكون حضرموت رقمًا في المعادلة السياسية القادمة، تظهر بعض الأصوات والبيانات والافعال الهدامة والمخالفة للواقع والحقيقة تحاول أن تعمل على ذرّ الرماد في العيون وخدش جمال وحدة أبناء المحافظة بتصرفات وبيانات تعكر صفو السلم المجتمعي وتنال من منجز نخبتنا العظيم”.

وأكد المصدر أن بعض بنود البيان الصادر عن لقاء حلف قبائل حضرموت المنعقد اليوم الاحد 29 اكتوبر 2023 في مدينة المكلا قد جانب الحقيقة، حيث اكد المصدر ان ابناء حضرموت قاطبة في الداخل والخارج أيّدوا وباركوا بكل عبارات التأييد المطلق ما قامت به قوات نخبتنا الحضرمية والامن من حملة اطلق عليها “ميزان العدل” تطبيقًا لاحكام القضاء ضد المخالفين للقانون والخارجين عن النظام والذين بحقهم احكامًا قضائية نظير ما يقومون به من نهب واقلاق للسكينة العامة للمواطنين وترعيبهم واعمال التقطع، وهو ما انتظره ابناء مدينة المكلا بفارغ الصبر وتأكد ذلك من خلال الإجماع الذي حضيت به هذه الخطوة عبر إشادات المواطنين واللجان المجتمعية ومشائخ واعيان مدينة المكلا الذين باركوا في مواقف مختلفة وبيانات تضامن وتأييد هذه الخطوة لتظل المكلا وحضرموت ارض السلام والامن والاستقرار.

وقال المصدر إن عملية “ميزان العدل” جاءت بموافقة من اللجنة الأمنية والسلطة المحلية بالمحافظة بما فيهم جميع وكلاء المحافظة لحفظ الأمن وتطبيق أحكام القضاء.

كما أدان المصدر ما جاء بخصوص ما حدث لمجموعة من جنود النخبة الحضرمية بمعسكر ربوة خلف، وقال المصدر ان ذلك مخالف للواقع وهو شأن عسكري سيتم معالجته في اطار النخبة الحضرمية وفي اطار المؤسسة العسكرية.

ورفض البيان الاساءة لدولة الامارات العربية المتحدة، مؤكدًا ان دولة الامارات حليف قوي واساسي في قيادة التحالف العربي، وقد جاء تدخلها لايقاف المد الفارسي في بلادنا ورغبة من القيادة الشرعية اليمنية، وقد أسهموا وشاركوا بالدم والدعم في تحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة الارهابي، وقاموا بدعم النخبة الحضرمية ومجالات الاغاثة والتنمية في حضرموت.

ودعا المصدر الى توحيد ابناء حضرموت وعدم الخوض في خلافات من شأنها التفريق وعدم التوحيد، يستفيد منها أعداء حضرموت وتدعو لتوسيع الهوة بدلاً عن ردمها.

وقال العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت: “لقد عبرنا عن موقفنا من ذلك البيان، غير المسؤول، في اجتماع الهيئة التنفيذية الدوري الذي عقدناه يوم الاثنين، وعبرنا عن استغرابنا من إصداره من قبل مكون يفترض أن يمثل طيفا واسعا من أبناء حضرموت، لان من أصدره لايهمه مصلحة حضرموت، بل ينفذ اجندات معادية لحضرموت وللجنوب ولدول التحالف العربي”.

ولفت المحمدي إلى أنّ البيان لايخدم إلا مصالح الحوثيين والأخونجية، لان فيه تحريض صريح على الأجهزة الأمنية، فبدلا من أن يؤيد ويبارك جهودها في حفظ الأمن وتنفيذ القانون، ذهب إلى مهاجمتها والتحريض عليها تناغما مع الحملة الحوثية التي شنتها ضد حملة ميزان العدل الأمنية.. ذلك مايثير الشكوك بأن حلف قبائل حضرموت بات مخترقا من الطرف الحوثي.

وأضاف المحمدي: “هو كذلك يتنكر للدور الكبير والتضحيات الجسيمة التي قدمها الأشقاء في التحالف العربي وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا يصب في مصلحة الحوثيين”.

من جانبه، قال مدير أمن ساحل حضرموت، العميد مطيع المنهالي في حديث لـ “الصوت الجنوبي”: “سبق وأن أصدرنا بيان إدانة رداً على النقاط المسيئة المتعلقة بالجانب الأمني التي ذُكرت في بيان ما يُسمى”حلف قبائل حضرموت“ والتي أكدنا فيه رفضنا القاطع لمثل هذا البيانات غير المسؤولة والتي تسيء إلى عملية ”ميزان العدل“ التي نُفذت بأوامر قهرية من النيابة العامة للقبض على المخرّبين والمطلوبين أمنيًا والخارجين عن النظام والقانون”.

وأضاف المنهالي: “من يقف ضد العملية أو يحاول أن يصفها بغير القانونية لغرض تحقيق أهداف خاصة به نحن نعتبره واقفًا مع المطلوبين أمنيًا الذين صدرت أحكامًا قضائية وأوامر قهرية بضبطهم، وإلا لن يقف ضدها مع علمه أن هؤلاء مُلاحقين من قبل الأجهزة الأمنية للحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين”.

وتابع المنهالي: “إننا ومن خلال موقفنا الصارم في إدارة الأمن والشرطة تجاه ذلك البيان المؤسف، نؤكد على أن الأجهزة الأمنية في استعداد دائم لتنفيذ أية أوامر قضائية بالقاء القبض على كائن من كان هدفه زعزعة الأمن والاستقرار الذي تحقق بدماء الأبطال الشجعان، ولن نسمح أبدًا لأي كائن أن يقف في وجه رجال الأمن لمنعهم من أداء مهامها الأمنية والوطنية في سبيل تدعيم الحالة الأمنية المستقرة، واتضح لنا بعد البيان الأمني استغراب كافة شرائح المجتمع الحضرمي من ذلك البيان، وإعلان التفافهم حول الأمن لأنهم يملكون قدرًا كبيرًا من الوعي، ونحن نقدر وقوف المواطنين إلى جانبنا دائما”.

وأردف: “كما نؤكد أيضا رفضنا القاطع الإساءة لدول التحالف العربي التي دربت وأهّلت قوات النخبة الحضرمية وقوات الأمن والشرطة ودعمها بالأسلحة مما مكنها بفضل الله ومساعدة الأشقاء في التحالف من دحر الجماعات الإرهابية والقضاء عليها، وترسيخ الأمن والاستقرار في كافة مدن ومديريات ساحل حضرموت، واليوم نجد أن هذه المنطقة التي تقع تحت سيطرة قوات النخبة الحضرمية تنعم بحالة فريدة من الأمن والاستقرار على مستوى المحافظات المحررة”.