الصوت الجنوبي _ تقرير خـاص

حضرموت تخطو أولى خطواتها الفعلية بكل ثبات نحو الإدارة الذاتية للمحافظة، خطوة أهتز على وقعها العالم، وتحرك على أثرها كل ساكن، حيثُ وصفها الكثيرون بـ ”الجريئة“ في هذا التوقيت، وترقب آخرون ما إذا ستستمر طويلاً أم إنها “بروباجندا“ إعلامية ستنتهي سريعاً.

في السادس والعشرين من نوفمبر للعام الجاري 2023م، أعلنت السلطة المحلية بمحافظة حضرموت برئاسة محافظ المحافظة مبخوت مبارك بن ماضي، في بيان لها إيقاف توريد إيرادات المحافظة للبنك المركزي، خلال اجتماع مشترك للمكتبين التنفيذيين بالساحل والوادي.

ذلك القرار قالت: ”سلطة حضرموت“ بأنه جاء نتيجة لعدم إيفاء البنك المركزي بتنفيذ توجيهات الحكومة بتخصيص دعم لها، وذلك لتلبية احتياجات الخدمات الأساسية للمواطنين، وفي مقدمتها ملف ”الكهرباء“ الذي يستنزف من موارد المحافظة شهرياً نحو الـ ”سبعة مليارات ريال“ في ظل توقف تصدير النفط منذُ أكثر من عام.

_ خطوة تاريخية:

رئيس كتلة حلف وجامع حضرموت، المقدم سالم مبارك بن سميدع، أيد وبارك قرار محافظ حضرموت بإيقاف توريد الإيرادات إلى البنك المركزي، معتبراً هذا القرار تاريخياً، وأتى في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد.

ويرى ”بن سميدع“ في تصريحه لـ ”الصوت الجنوبي“: أنَّ «من غير المقبول أن تتسول حضرموت حقوقها بينما لا تتحصل على ابسط حقوقها المالية، وتتعثر فيها مشاريع البنى التحتية وبرامج تطوير وتحسين منظومة الخدمات وخطط تحقيق التنمية المستدامة، وجهود التخفيف على المواطن من وطأة الأوضاع الاقتصادية التي قصمت ظهر ملايين المواطنين، وجعلتهم تحت خط الفقر، وهم يعيشون في محافظة نفطية غنية بثرواتها المتعددة، وترفد الحكومة بالجزء الأكبر من موازنتها العامة، لهذه الأسباب وغيرها نحن إلى جانب قرار المحافظ، وهذا ما يقتضيه الواجب، ويحث عليه الضمير، وتفرضه المرحلة الحالية».

وأضاف رئيس كتلة حلف وجامع حضرموت، إنَّ أهمية خطوة إيقاف توريد إيرادات المحافظة تأتي من كونها ستضع حداً لمهزلة الاستخفاف بحضرموت وقيادتها من قبل الحكومة، وستجبرها على إعادة النظر في سياسة التعامل مع حضرموت على صعيدي القيادة والشعب.

وحول الهجوم الذي تعرضت له حضرموت بعد قرار إيقاف توريد الإيرادات، فقد بيّن ”بن سميدع“ إنَّ : « تلك محاولات مفضوحة ومكشوفة وبائسة، وليس لها أي قيمة واعتبار لدينا، طالما أن قيادة حضرموت موحدة وأبنائها متماسكون، ويقفون إلى جانب محافظهم وسلطتهم المحلية بكافة مكوناتهم السياسية والاجتماعية وغيرها، وما نشهده هذه الأيام من التفاف حول قرار المحافظ عبر البيانات المؤيدة أو اللقاءات المباشرة، يؤكد على الوعي المرتفع وإدراك الجميع لأهمية هذه الخطوة الهامة جداً، والتاريخية والمفصلية في تاريخ حضرموت المعاصر».

_ تحركات دولية:

قرار إيقاف توريد الإيرادات إلى البنك المركزي، الذي اتخذته السلطة المحلية في محافظة حضرموت، كان له صدى واسع جداً، حيثُ أن القرار لم يقتصر على الشأن المحلي أو الإقليمي فقط، بل تعدى ذلك كثيراً ليصل دولياً، وتتحرك كبرى دول العالم على أثره، وتتواصل مع محافظ حضرموت لمنع تنفيذ القرار، أو التوصل إلى تفاهمات بين الأطراف.

السفارة الأمريكية لدى اليمن، دعت في الثلاثين من نوفمبر للعام الجاري 2023م، جميع المؤسسات الحكومية في بلادنا بما في ذلك المحافظات، إلى مواصلة إيداع جميع الإيرادات في البنك المركزي، جاء ذلك عبر منشور في صفحتها على منصة (X) رصده ”الصوت الجنوبي“، وهو ما أكده محافظ حضرموت ”بن ماضي“ عن تواصل السفارة به للتراجع عن قرار إيقاف توريد الإيرادات للبنك المركزي.

وفي السادس من ديسمبر للعام الجاري 2023م، التقت سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن عبدة شريف أوبي، بمحافظ حضرموت مبخوت مبارك بن ماضي، عبر تقنية الاتصال المرئي، حيثُ أكد الأخير بأن اتخاذ قرار إيقاف توريد الإيرادات إلى البنك المركزي ليس تمرداً على الدولة، وإنما إحقاقاً للحق، وذلك لأجل توفير الخدمات الأساسية للمواطنين في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد.

_ مواقف عسكرية:

وزير الدفاع الفريق محسن الداعري قال خلال اجتماع مع اللجنة الأمنية في حضرموت برئاسة المحافظ ”بن ماضي“ في السابع من ديسمبر 2023م: «بعد جلوسنا مع محافظ حضرموت وجدنا ما يُبرر له اتخاذ قرار إيقاف الإيرادات، وعلى السلطة المركزية أن تقوم بمعالجة الأمور التي أدت إلى اتخاذ حضرموت لهذا القرار».

وفي ذات اليوم أكد قائد لواء النخبة الحضرمي، العقيد سالم عوض النموري، على الوقوف الكامل مع قرار السلطة المحلية بالمحافظة، والقيادة العسكرية والأمنية، في توقيف الإيرادات المحلية وعدم توريدها للبنك المركزي، وصرفها في احتياجات حضرموت الإستراتيجية والهامة المتعلقة بحياة المواطن الأساسية والضرورية.

وبيّن ”النموري“ أن قوات النخبة الحضرمية قامت لأجل الدفاع عن حضرموت وإعادة القرار الحضرمي إلى أهله، والسيطرة الكاملة والشاملة على تراب المحافظة، وتأمين مقدرات وثروات حضرموت وحق التصرف التام فيها.

_ منظمات مدنية:

رئيس المجلس التنسيقي الأعلى لمنظمات المجتمع المدني بمحافظة حضرموت، رائد محمد باجابر، اعتبر قرار إيقاف توريد إيرادات المحافظة للبنك المركزي؛ بمثابة وضع النقاط على حروف المرحلة الجديدة التي تسعى قيادة المحافظة جاهدة للوصول إليها، رغبة في تحقيق تطلعات الحضارم المتمثلة في استعادة السيادة الحضرمية، وحصولهم على كامل حقوقهم المشروعة.

وأكد ”باجابر“ في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ «أهمية القرار والخطوة التي أقدمت عليها السلطة المحلية بالمحافظة، تكمن في تعزيز ملف الخدمات في مختلف القطاعات الخدمية التي افتقدها المواطن الحضرمي، جراء سياسة الأزمات التي تفتعلها الحكومة اليمنية، والأعظم أهمية في هذا القرار كونه دفع بحضرموت خطوة نحو امتلاك القرار واستعادة سيادتها لتدير شؤونها بنفسها، وإن هذا القرار بمثابة الحلم الحضرمي الذي انتظره أبناء حضرموت على مدى سنوات طوال، لتكون حضرموت سيدة قرارها، وتنعم بثرواتها وخيراتها، وتحقق الاكتفاء الذاتي وتحسن مستوى الوضع الخدماتي والسبل المعيشية لمواطنيها».

ودعا رئيس المجلس التنسيقي الأعلى لمنظمات المجتمع المدني بمحافظة حضرموت، جميع أبناء محافظة حضرموت بمختلف مكوناتهم وشرائحهم وانتماءاتهم، للوقوف إلى جانب السلطة المحلية بالمحافظة ومساندتها، وتعزيز قرارها لما من شأنه تحقيق تطلعات وآمال الجميع، ونيل كامل الحقوق المشروعة.

_ المرأة الحضرمية:

الهيئة الإدارية لاتحاد نساء اليمن بساحل حضرموت، وقفت في السادس من ديسمبر للعام الجاري 2023م، أمام قرار السلطة المحلية بمحافظة حضرموت بقيادة المحافظ مبخوت مبارك بن ماضي، بشأن إبقاء إيرادات حضرموت فيها وعدم توريدها للبنك المركزي، وتسخيرها لخدمة حضرموت وأهلها والمشاريع التنموية والخدمية.

حيثُ عبرت قيادة ”الاتحاد“ عن دعمها لهذا القرار الذي وصفته بالشجاع، الذي يقف إلى جانب حقوق محافظة حضرموت ومواطنيها، جاء ذلك خلال اجتماعها الشهري لإقرار الخطط والبرامج للعام القادم 2024م في كافة المجالات.