الجمعة, نوفمبر 22, 2024
الصوت الجنوبي – تقرير خاص في أوقات متفرقة على مدى اليومين الماضيين، أقدمت ميليشيات الحوثي، على إضعاف خدمة الإنترنت في البلاد، بعد أيام من تهديدها باستهداف الكابلات البحرية في البحر الأحمر. وشكا ناشطون من ضعف خدمة الإنترنت في العديد من المحافظات. وقال خبراء تحدثوا “للصوت الجنوبي” إن “إضعاف ميليشيات الحوثي لخدمة الإنترنت ليس من أجل..." />
الصوت الجنوبي – تقرير خاص
في أوقات متفرقة على مدى اليومين الماضيين، أقدمت ميليشيات الحوثي، على إضعاف خدمة الإنترنت في البلاد، بعد أيام من تهديدها باستهداف الكابلات البحرية في البحر الأحمر.
وشكا ناشطون من ضعف خدمة الإنترنت في العديد من المحافظات.
وقال خبراء تحدثوا “للصوت الجنوبي” إن “إضعاف ميليشيات الحوثي لخدمة الإنترنت ليس من أجل ما تدعيه الميليشيات من نفاد مخزون الاتصالات من الوقود، وإنما من أجل إبعاد الرأي العام عن الجرائم والانتهاكات التي تحدث في مناطق سيطرة الحوثيين، من بينها قضية محزرة رداع”.
وأضاف الخبير السياسي محمود عسكر “للصوت الجنوبي” أن “الميليشيات أقدمت على هذه الخطوة لما لخدمة الاتصالات والإنترنت من أهمية في رصد ومتابعة الأحداث، خصوصاً بعد توحد المطالبات بمحاسبة المليشيات وكشف زيفها بخصوص حرب غزة”.
وتتحكم ميليشيات الحوثي في خدمة الإنترنت بسيطرتها على شركة تيليمن المزود الوحيد للخدمة في البلاد، وتحصل جميع شركات الهاتف النقال على الخدمة من الشركة الحكومية، بالإضافة الى وقوع مراكز تلك الشركات في صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
شركة اتصالات مشتركة
وفي 21 أغسطس الماضي، وافق مجلس الوزراء اليمني على مشروع اتفاقية إنشاء شركة اتصالات مشتركة لتقديم خدمات اتصالات الهاتف النقال والإنترنت في البلاد، موقعة بين المؤسسة اليمنية العامة للاتصالات وشركة (NX Telecom) الإماراتية. وتضمنت الموافقة منح ترخيص تقديم خدمات الهاتف النقال، وتشغيل وترخيص الطيف الترددي، بحسب وكالة سبأ الرسمية.
مشروع شبكة الاتصالات هذا، الذي يعتبر الأول من نوعه في مناطق الحكومة اليمنية بقيمة 700 مليون دولار، مثَّل أكبر تحرك في قطاع الاتصالات بعيدًا عن هيمنة وسيطرة مليشيا الحوثيين المدعومة من إيران التي تدير القطاع بشكل شبه كامل من صنعاء منذ 2015. ومع ذلك، هدَّدت اعتراضات من قبل أطراف داخل معسكر الشرعية المشروع تحت دعاوى قانونية وأمنية، ونادت بإيقافه.
فتح ذلك معركة سجالات تصدرها رئيس الوزراء اليمني السابق معين عبد الملك من جهة، والبرلمان اليمني منتهي الولاية من جهة أخرى، إثر تقرير من 73 صفحة قدمته “اللجنة البرلمانية” لتقصي الحقائق في 24 أغسطس، تحدث عن “مخالفات جسيمة” في عمل الحكومة ضمن ملفات عدة مثل الكهرباء والنفط والاتصالات. وتبعه خطاب في اليوم التالي لرئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني من 5 صفحات موجه إلى معين عبد الملك.
وزعم الخطاب أنَّ مشروع الاتصالات “يخالف الدستور ويوفر الاستيلاء على ممتلكات الدولة وحقوقها ويجردها من ملكيتها وحقوقها السيادية والقانونية والمالية”. بالتوازي، وجه كل من عضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي، ووزير الداخلية اليمني إبراهيم حيدان، خطابات مشابهة هاجمت مشروع الاتصالات وطالبت بإيقافه.
في المقابل، أيد المجلس الانتقالي الجنوبي المشروع. وأشاد رئيس المجلس عيدروس الزبيدي بموافقة الحكومة على المشروع الذي قال إنَّه يمثل خطوة مهمة لتحرير قطاع الاتصالات من سيطرة الحوثيين. كما أصدر عضو مجلس القيادة الرئاسي عبد الرحمن المحرمي بيانا لصالح مشروع الاتصالات، بالتوازي مع تصريحات صحفية لعضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح أعلن فيها وقوفه إلى جانب أي مشروع ينهي هيمنة الحوثيين على قطاع الاتصالات.
وفي مؤتمر صحفي في 4 سبتمبر الماضي، بقصر معاشيق الحكومي بعدن، تحدث معين عبد الملك قرابة نصف ساعة عمَّا أثير بشأن المشروع. هاجم عبد الملك البرلمان اليمني، وقال إن تقارير البرلمان تأتي ضمن الاستقطاب السياسي. كما فنَّد كثيرًا من الادعاءات الناقدة للمشروع، ولمَّح إلى وجود قوى نافذة تمارس الفساد تحاول إيقاف المشروع.
وبينما تبدو أسباب الحوثيين في استهداف المشروع مفهومة، قد لا تكون دوافع البرلمان اليمني والمسؤولين الآخرين بذلك الوضوح. وبترك هذا جانبًا، برزت تساؤلات ملحة حول المشروع نفسه، وخلفيات الاتفاقية بين الحكومة اليمنية والشركة الإماراتية. وامتدت التساؤلات إلى المدى الذي قد يصل إليه هذا المشروع في تحرير قطاع الاتصالات من هيمنة الحوثيين، وما علاقة المشروع بشركة “عدن نت” الحكومية.
ووفقًا لرئيس الوزراء اليمني السابق، تبلغ قيمة مشروع الاتصالات الموقع مع شركة (NX Telecom) الإماراتية 700 مليون دولار، وتبلغ حصة الحكومة اليمنية منه 30%. وقد توصل الطرفان إلى اتفاق بشأن هذا المشروع بعد مفاوضات منذ أكثر من عام، طبقًا لوزارة الاتصالات.
وقالت الوزارة في بيان لها: “نؤكد أنَّ المفاوضات بشأن تأسيس شركة اتصالات مع المستثمرين في الإمارات قد بدأت منذ أكثر من عام. يأتي هذا المشروع الاستثماري ضمن جهود دولة الإمارات الداعم للبلاد وقطاع الاتصالات لتحسين مستوى الخدمة والحد من سيطرة المليشيات الانقلابية [الحوثيين] على قطاع الاتصالات وإيجاد مورد جديد لهذا القطاع”.
وعن علاقة شركة “عدن نت” بالمشروع، قالت الوزارة: “كما جرى مناقشة مختلف الخيارات ومن ذلك الشراكة وليس البيع [..] بحيث يتم تطوير وتوسعة مشروع عدن نت بحيث يتم الاستثمار في هذا المشروع وفقاً لقانون الاستثمار اليمني والقوانين النافذة في الجمهورية اليمنية، وبأن يتم استكماله في بناء وإنشاء بنية تحتية متطورة ومن أحدث التكنولوجيا، وأن يتم الاستعانة بشكل أساسي بالكوادر اليمنية والبنية التحتية بعدن، ومختلف المحافظات”.
وأكدت الوزارة على أن هذه الخطوات ستتم “تحت إدارة وإشراف وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، والوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية”.
وفي المؤتمر الصحفي، أوضح معين عبد الملك بعضا من ملامح المشروع. وقال إن التفاوض بشأن المشروع “لم يكن سرياً، والاتفاقية نوقشت بنداً بنداً، في كل أعمال مجلس الوزراء، ورفعت بكل وثائقها لمجلس القيادة الرئاسي”. وانتقد رئيس الوزراء الأصوات المعارضة للمشروع، ولفت إلى حاجة الحكومة اليمنية إلى 3 مليار دولار للنهوض بقطاع الاتصالات وإنهاء سيطرة الحوثيين عليه.
ضربة للحوثيين
يبلغ عدد شركات الاتصالات والإنترنت، العاملة حالياً في السوق اليمنية ست شركات؛ (سبأفون، يو [شركة إم تي إن سابقًا]، واي، يمن موبايل، تيليمن، وعدن نت)، تخضع كلها عدا (عدن نت) لـ “ميليشيات الحوثيين”. تدر هذه الشركات ملايين الدولارات للحوثيين، بما فيها إيرادات المحافظات الحكومية التي تعتمد بنسبة ساحقة على هذه الشركات.
وفي نوفمبر 2021، كشفت تقارير صحفية بالتفصيل عن إجراءات الحوثيين للسيطرة على هذه الشركات، وبعض أرقام الإيرادات الضخمة التي تتحصل عليها تلك المليشيات. على سبيل المثال، قامت بعض الشركات بدفع رسوم للحوثيين لتمديد مؤقت لترخيص التشغيل حتى يتسنى لها التفاوض على ترخيص جديد كشركة إم تي إن يمن [يو حاليًا] التي قامت في 2016 بسداد 36.4 مليون دولار لتمديد ترخيصها المنتهي لمدة 29 شهراً.
إضافة إلى رسوم الحصول على الترخيص، يُحصَّل الحوثيون من شركات الاتصالات اللاسلكية العامة رسوما سنوية تحت بند تنظيم قطاع الاتصالات. ووفقاً لـ “الجهاز المركزي للإحصاء” التابع للحوثيين في صنعاء، في “كتاب الإحصاء السنوي 2017″، أسهم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بحوالي 7% من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي.
ويعتقد خبراء اقتصاديون يمني أنَّ قطاع الاتصالات “أكثر دخلاً اليوم من قطاع النفط باليمن “. مضيفًا: “لا توجد إحصائية رسمية عن ميزانية هذا القطاع بالذات، بسبب أنَّه كان مٌتقاسماً بين نافذي صنعاء والدولة، لكن مليارات الدولارات ذهبت كلها لخزينة الحوثيين من هذا القطاع”.
ومع هذه الإيرادات الهائلة، لا تتوقف امتيازات الحوثيين عند الجانب الاقتصادي، بل تمتد إلى الجانب الأمني والاستخباراتي. وربط خبراء بين قطاع الاتصالات الذي يدار من صنعاء وهجمات صاروخية حوثية استهدفت قادة عسكريين جنوبيين خلال السنوات السابقة، بالإضافة لحملات التعقب والملاحقة للصحفيين والمعارضين في شمال اليمن.
كما استغل الحوثيين شركات الاتصال في الدعاية الإعلامية بشكل كبير جدًا، فضلًا عن حجب مئات المواقع والقنوات الفضائية المحلية والعربية والعالمية المناهضة لهم أو التي تنتقدهم. ويعد مشروع الاتصالات الجديد في عدن أكبر ضربة لقطاع الاتصالات الخاضع للحوثيين، بعد ضربة “عدن نت” المحدودة التأثير والنتائج لتفشي الفساد وحصول شريحة صغيرة من المجتمع في عدن ومدن أخرى فقط على خدماتها.
وفي 31 أغسطس 2020، أعلن الحوثيون خروج 60% من السعات الدولية للإنترنت بسبب قطع خارج البلاد، أثر على حركة الإنترنت في معظم محافظات الجمهورية، في الوقت الذي مازالت خدمة الإنترنت بطيئة، وهي الأسوأ على مستوى العالم والأكثر تكلفة.
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024
نوفمبر 22, 2024