الإثنين, أبريل 7, 2025
الصوت الجنوبي – تقرير خاص
يعتمد عدد كبير من الأشخاص في الجنوب وفي الشمال على مكاتب الحج والعمرة لتأمين أماكنهم في رحلات الحج والعمرة. ولكن، تتزايد الشكاوى بسبب ارتفاع التكاليف والرسوم التي تحصلها تلك المكاتب من المواطنين لا سيما مع وقوع كثيرين ضحايا لمكاتب وهمية لا وجود لها على الواقع.
وقال مواطنون “للصوت الجنوبي” إن “بعض تلك المكاتب تحصل على رسوم باهظة من المواطنين مقابل خدمات غير كافية وغير ملاءمة، ما يؤدي إلى انتظار طويل ومتعب ومرهق قبل إتمام الإجراءات الحجمية، فضلا عن عمليات النص والاحتيال”.
وفي هذا التقرير يكشف “للصوت الجنوبي” النقاب عن عمليات نصب واحتيال تعرض لها مواطنون من قبل مكتب حج وعمرة معظمها في شمال اليمن.
واقع مؤلم
يجلس خالد باريدي، وهو رجل من محافظة حضرموت الجنوبية، ومقيم في محافظة الحديدة اليمنية للعمل، يحمل جواز السفر الخاص به، داخل أحد مكاتب الحج والعمرة بالحديدة، وتنتابه حالة تمتزج فيها الحسرة والصدمة، بعد أن اكتشف أنه وقع ضحية عملية نصب واحتيال.
قبل أقل من أسبوع، كان باريدي قد وصل إلى الأراضي السعودية، وتحديدا مكة، قادما من الحديدة وحاملا معه تأشيرة زيارة سعودية.
وبعد دخوله إلى المملكة، تواصل مع إحدى الشركات التي أعلنت عن باقات حج بأسعار “مغرية” على مواقع التواصل الاجتماعي، آملا في الحصول على تصريح، يمكنه من أداء الفريضة.
يقول إنه وقع في فخ إعلان “مضلل” نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي لشركة زعمت أنها تتخذ من إحدى الدول العربية مقرا لها.
“دفعت للشركة نحو ألف و500 دولار للحصول على ترخيص لأداء الحج، وبالفعل أرسلوا لي التصريح ورمزا إلكترونيا (المعروف بالباركود) للحج، ولكنني اكتشفت أنه تم الاحتيال علي لأن كل الأوراق اتضحت أنَّها مزورة”، قال باريدي.
وأضاف “للصوت الجنوبي”، “أشعر بالحسرة لأني تعرضت لعملية نصب أفقدتني أموالي والحج معا”.
لم يتمكن باريدي من أداء مناسك الحج قبل عامين كما أنه خسر المبلغ المدفوع للشركة، التي يقول إن ممثليها باتوا يتهربون من التواصل معه.
محمد المفلحي، مالك مكتب سفريات بالمكلا، قال “للصوت الجنوبي”: “كثيرين مثل باريدي لا يكتشفون أنهم وقعوا ضحية احتيال إلا عند وصولهم إلى مقر اللجنة، لاستيفاء إجراءات الحج والحصول على الأساور التي تشير إلى أنهم حجاج نظاميون”.
وأضاف: “عندما يأتي الحاصلون على تصاريح للحج إلى الجهات المسؤولة بالتصاريح المستخرجة والباركود، يكتشفون أنها جميعا مزورة وأن الأوراق والبطاقات التعريفية التي أرسلت لهم من قبل شركات وهمية غير صحيحة”.
وأردف: “في هذه الحالة، يُمنع الشخص من الحج، بعد أن يكون قد فقد مبلغا كبيرا من الأموال التي حولها لهذه الشركات”.
ويشير المفلحي إلى أن هناك عصابات كثيرة نشطت في المحافظات الشمالية خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن الحالات في تصاعد مستمر.
ويرى المفلحي بضرورة التأكد من الشركات التي تقدم عروضا مغرية للحج تحت مسمى “باقات اللحظة الأخيرة” والتي عادة ما تشمل باقات بأسعار رخيصة، وتُنشر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينما يجلس باريدي فاقد الأمل في أداء مناسك الحج رغم وجوده بالفعل في السعودية، في العام 2022 قال إنه أخطأ في تحويل مبلغ لشركة لم يتحقق بالشكل الكافي من مصداقيتها، كما ينصح بعدم تحويل مبالغ مالية لأفراد أو ممثلين لشركات في الخارج قد تتخذ سبلا غير رسمية لإصدار تصاريح الحج.
ليس باريدي وحده من وقع ضحية عملية نصب من قبل شركة وهمية. سعيد الخليفي – مقيم في استراليا – قال: إنه “لم يتخيل أنه سيقع وعائلته ضحية عملية احتيال مالي عند تقديمه طلبا لأداء فريضة الحج مع إحدى الشركات السياحية هناك”.
وروى سلطان الخليفي (أحد أقرباء الضحية) “للصوت الجنوبي” القصة، وقال: أن قريبه “خاض معركة طويلة مع شركة قدمت له وعودا بما ليس متاحا، قبل أن يتمكن من استرجاع المبلغ الذي يصل إلى نحو 8 ألف دولار كان قد حوّلها كدفعة مقدمة لباقة حج عرضتها إحدى شركات الحج والعمرة.
كان ذلك عام 2020 أيضاً، حينها لم تكن الإجراءات الرسمية لحجز باقات الحج تستلزم الاستيفاء عبر منصة “نسك” التي استحدثتها السلطات السعودية عام 2022؛ لتكون المنصة الرقمية الرسمية الوحيدة لإصدار تصاريح الحج لحجاج أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا.
ويتم من خلال “نسك” الاختيار من باقات الحج المختلفة واستيفاء جميع المستندات المطلوبة للحج، بل ودفع المصاريف المطلوبة للجهات الرسمية والشركات السياحية الموثوقة.
وإلى جانب منصة “نسك”، تسمح السعودية للحجاج المقيمين على أراضيها باستخراج تصاريح للحج من خلال التسجيل عبر الموقع الرسمي لوزارة الحج والعمرة. أما الحجاج من الدول الإسلامية، فيمكنهم أداء الفريضة بعد حصولهم على تأشيرة من خلال مكاتب شؤون الحج الرسمية الموجودة ببلدانهم.
وتخصص السعودية حصة لكل دولة إسلامية لأداء فريضة الحج، وهي ألف لكل مليون مسلم.
ويقول الخليفي: “قبل جائحة كورونا بفترة قصيرة، رغبنا أنا وستة آخرون من أفراد عائلتي في أداء فريضة الحج، فتوجهنا لشركة من المفترض أنها كانت ذات سمعة طيبة قبل ثلاث سنوات، ودفعنا بالفعل مبلغا كبيرا لتأمين باقة الحج، غير أنه تم إلغاء الحج بسبب الجائحة، فطلبت استرجاع المبلغ، ولكني لم أتلق تجاوبا من الشركة لمدة عام كامل، ثم استمر الوضع لثلاثة أعوام، حتى اضطررت إلى رفع دعوى قضائية ضدها”.
عند شروعه في مقاضاة الشركة، اكتشف الخليفي أنه لا وجود لها من الأصل. وقال: “عندما كنت أكتب تفاصيل الشركة في الدعوى القضائية مثل الرقم المسجل لها والعنوان المعلن عنه، اكتشفت أنه تم حل الشركة وأنه لم يعد لها وجود”.
يقول إن خلال الفترة التي حاول فيها استرجاع المبلغ المدفوع، كان ممثلو الشركة يستخدمون “لغة دينية” من بينها عبارات مثل “هذه أمانة يا أخي” وأنهم “ملتزمون بردها”، ولكن ذلك لم يحدث أبدا.
ويؤكد الخليفي أن الموقع الإلكتروني للشركة التي شرع في الاتفاق معها كان يشير إلى أن عنوان الشركة الموجود على الموقع كان افتراضيا كذلك.
ويقع كثيرون ضحية شركات سياحية تعلن عن باقات حج وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يعتبره عبد الوهاب أسهل الطرق للإيقاع بضحايا راغبين في أداء أعظم شعائر الإسلام.
اضطر الخليفي إلى نشر تجربته على مواقع التواصل الاجتماعي، حينها فقط بدأت الشركة في التواصل معه وأعادت له المبلغ على مراحل.
وليس من الكافي الاعتماد على التقييمات المكتوبة على الإنترنت بشأن شركات سياحية بعينها، إذ يقول الخليفي “من واقع خبرتي، كثير من الشركات الوهمية تدفع مبالغ مالية كبيرة لأشخاص من أجل كتابة تقييمات جيدة مزيفة ونشرها على الإنترنت، فيقع كثيرون ضحية لعمليات نصب بعد شرائهم باقات حج وفقا لإعلانات مضللة”.
أبريل 5, 2025
مارس 30, 2025
مارس 22, 2025
مارس 20, 2025