السبت, أبريل 5, 2025
الصوت الجنوبي _ تقرير خـاص
حرب اقتصادية شرسة تعيشها بلادنا منذُ سنوات، ضحيتها محدودي الدخل وأصحاب الحرف اليدوية البسيطة، وغيرهم ممن يقبضون أجورهم بالعملة المحلية التي أنهارات قيمتها الفعلية أكثر من النصف وما زالت في انهيار متواصل دون أي حلول فعلية تلوح في الأفق.
هذا الانهيار الاقتصادي المتواصل، دفع الكثيرون من التجار ورجال الأعمال إلى النفور والهرب إلى بلدان أخرى، نتيجة للخسائر الفادحة نتيجة لعدم الاستقرار النقدي في العملة، ما تسبب في خسارة الكثيرون من الأيادي العاملة لوظائفها التي تعيل عن طريقها أسرها وهو ما ضاعف من معاناتهم.
تسليط الضوء
في الـ 31 من أكتوبر الماضي، نظمت الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت، حلقة نقاشية حول انهيار العملة المحلية وتأثيراتها المتزايدة على القدرة الشرائية للمواطن.
واستعرض أستاذ الاقتصاد والعلوم المصرفية بجامعة حضرموت الدكتور محمد الكسادي، خلال الحلقة النقاشية، الوضع الاقتصادي الراهن وأسبابه، وسبل التخفيف من تأثيرات تدهور العملة على المواطنين، وفشل الإصلاحات الاقتصادية، التحديات التي تواجه البنك المركزي اليمني، وضعف الإنتاج الاقتصادي والصناعي والفساد الإداري، والتضخم المالي.
فيما تطرق مدير الإدارة السياسية بتنفيذية انتقالي حضرموت، محمد محمود باجابر، خلال الجلسة إلى أبرز الجذور السياسية المرتبطة بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بحياة المواطن، وأدت إلى الانهيار الذي وصفه بالمروع للعملة الوطنية بشكل غير مقبول ويتطلب تظافر الجهود لتجاوز الأزمة، متطرقاً إلى أبرز ملامح وشواهد الحرب الأقتصادية بين الشرعية وجماعة الحوثي.
وتهدف الحلقة النقاشية إلى تسليط الضوء على التحديات الاقتصادية المتفاقمة في ظل الأوضاع الحالية، بمشاركة عدد من الأكاديميين والمختصين في الاقتصاد ومسؤولين من القطاعات المالية والتجارية بمحافظة حضرموت، وعدد من طلاب الجامعات.
إصلاحات اقتصادية
استمرار تدهور العملة المحلية في ظل غياب أي حلول تلوح في الأفق سوف يتسبب في الانهيار الاقتصادي حيثُ لا مؤشرات على تحفيز الاقتصاد أو القيام بأي اجراءات من قبل الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي الذي تشكل قبل عامان ونصف بل أجرى سلسلة من الاجتماعات الشكلية دون اي اجراءات فعلية توقف نزيف العملة المحلية.
مدير الإدارة الاقتصادية بتنفيذية انتقالي حضرموت، الأستاذ سعيد باعباد، أشار في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إن ” من أسباب تدهور العملة هو ضعف الهيكل الإنتاجي للقطاعات الاقتصادية وفساد النظام الإداري المتضخم بالموظفين الوهميين، والتهرب الضريبي، وعدم الاستقرار السياسي في منظومة الحكم“.
ويضيف باعباد ”توقف تصدير النفط منذُ اكتوبر عام 2022م وتوقف صادرات الغاز منذُ 2015م، والعجز المستمر في الميزان التجاري، كلها أسباب أدت إلى تدهور العملة، فالدولة بدون موارد اقتصادية ظلت تعتمد على الودائع والمنح في صرف المرتبات منذُ 2023م، اي على مدى سنتان. كما غياب اي إصلاحات اقتصادية والبحث عن موارد بديلة من خلال تقليص النفقات الحكومية، وزيادة الإيرادات غير النفطية قد ساهم بشكل كبير في الوضع الراهن.“
ويرى مدير الإدارة الاقتصادية، إن من أبرز الحلول لتحسن العملة والانهيار الاقتصادي هي: ”وقف استيراد السلع الكمالية، واغلاق الملحقيات الثقافية والصحية بالسفارات، وأغلاق بعض السفارات في البلدان التي لا يوجد فيها مغتربين، وتوريد جميع ايرادات المحافظات للبنك المركزي اليمني في عدن، وتقنين محلات الصرافة وتحديد من له حق تحويل من عملة محلية إلى أجنبية، وضبط التحويلات من مناطق الحكومة إلى مناطق سيطرة جماعة الحوثي“.
إغلاق الصرافات
في مطلع شهر نوفمبر الجاري، أغلقت النيابة العامة، العشرات من محلات الصرافة، حيثُ نفذت حملة إغلاقات واسعة طالت عدداً من محال الصرافة في عدن وحضرموت وشبوة وأبين والمهرة وغيرها من المحافظات، تنفيذاً لتوجيهات النائب العام القاضي قاهر مصطفى.
وقالت مصادر محلية إن النيابة العامة أغلقت العديد من محلات الصرافة في مدينة المكلا تنفيذا لتوجيهات البنك المركزي بحق المصارف المخالفة، وأشارت المصادر إلى أن المحلات التي تم إغلاقها لا تمتلك تراخيص وتزاول أعمالها بمخالفة لقوانين البنك المركزي.
وأكد رئيس نيابة الأموال العامة بساحل حضرموت القاضي رائد لرضي أن الهدف من الحملة ضبط محال الصرافة من أجل الحد من التلاعب بأسعار الصرف أو مزاولة أعمال الصرافة وتحويل الأموال وبيع وشراء العملات دون ترخيص مما يجعلهم غير خاضعين لرقابة البنك المركزي بالمخالفة لأحكام قانوني الصرافة ومكافحة غسل الأموال.
ووفقاً لما نشرته وسائل الإعلام المحلية، شملت الحملة إغلاق 29 محل صرافة في مديريات سيئون وتريم والقطن وحورة ووادي العين والعبر ومنفذ الوديعة البري، بحُجة مخالفتها للقانون، وعدم امتلاكها تراخيص أو انتهت تراخيصها، ومخالفاتها لإجراءات وإصلاحات البنك المركزي اليمني.
كما أغلقت نيابة الأموال العامة الثانية المختصة بمكافحة الفساد، 26 منشأة صرافة بالعاصمة عدن، لعدم حصولها على التراخيص اللازمة لمزاولة مهنة الصرافة من قبل البنك المركزي اليمني، وفقا لصحيفة “القضائية” الصادرة عن وزارة العدل.
إدانة واستنكار
حملات الإغلاقات الواسعة لمحلات الصرافة التي تنفذها الحكومة، جاءت وسط تحذيرات ورفض من قبل نقابة الصرافين الجنوبيين، من أن هذه الإجراءات لن توقف مسار الانهيار الذي تشهده قيمة الريال اليمني، حيثُ تجاوز سعر صرف الدولار في العاصمة عدن خلال الأيام الماضية حاجز الـ (2050) ريالاً للدولار الواحد.
فقد أصدرت نقابة الصرافين الجنوبيين بيان لها حمل الرقم (25)، أدانت خلاله قيام البنك المركزي بمحافظة عدن بتوجيه النيابة العامة بنزول الحزام الأمني في اغلاق الصرافات المرخصة بـ ”شكل عشوائي“ وبدون اي اشعارات مسبقة لها.
ووصفت نقابة الصرافين الجنوبيين في بيانها أن عملية اغلاق الصرافات تمت: ”بمشاركة الفاسدين من البنك المركزي محافظة عدن، والتشويه فيهم أمام الإعلام واستعراض البطولات غير اللائقة ضد المستثمرين كمثل مقوله تغطيه عين الشمس بمنخل، لأجل كسب الإعلام“.
وطالبت نقابة الصرافين الجنوبيين، بملاحقة ما وصفته بـ ”وكر الفاسدين والمضاربين“، المتسببين الرئيسيين في انهيار قيمة العملة المحلية، مستنكرة إخراج اطقم على اصغر الصرافيين الجنوبيين، واستثناء جميع البنوك الذي هي ليست مرخصة في عدن وتشتغل في القوة وهي مرخصة في صنعاء وتتحكم في الكتلة النقدية.
محاولات فاشلة
هناك متوالية من القرارات تم اصدارها خلال هذا العام حيثُ لم تجد طريقها إلى التنفيذ سواء لضعف البنك المركزي اليمني عدن أو نتيجة لتدخلات خارجية من قبل الأُمم المتحدة دول الرباعية في ربط المساعدات بشروط كانت تخدم جماعة الحوثي واضرت بالعملة المحلية.
فلم يستطيع البنك المركزي اليمني عدن أن يحزم الأمور منذُ تغيير إدارته في سبتمبر 2021م، بل حاول النهوض به ولكن تعرضت إلى عراقيل من قبل المتنفذين أصحاب محلات الصرافة.
فلم تستطيع الحد من تهريب العملة المحلية للخارج وكذلك بين مناطق الحكومة المعترف بها دولياً ومناطق سيطرة جماعة الحوثي حيث يحول يومياً قيمة القات والخضروات 20 مليون ريال سعودي نظراً لعدم قبول جماعة الحوثي أي تبادل تجاري إلا بالسعودي أو الدولار.
”ويبقى السؤال الأهم، بالنسبة لجميع المواطنين، الذين دمرتهم هذه الحرب الاقتصادية، أكثر من غيرها من الحروب الفعلية، وأصبحت حياتهم بائسة بسببها؛ وهو إلى متى سيظل هذا الانهيار الكارثي للعملة المحلية ومتى سيتم تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لهم؟“
مارس 30, 2025
مارس 22, 2025
مارس 20, 2025
مارس 14, 2025